ماذا يقول؟ .. إنها لا تفهم شيئا. وقال معتذرا: لا يجوز أن يراني أحد .. - هل ترتكب جريمة؟ - الناس ..
فقالت هازئة: أنت الثور الذي يحمل الأرض على قرنيه.
إنه ذو دين وخلق وسمعة طيبة يجب المحافظة عليها. وقالت له بإغراء: ممكن أن تحتكرني ليلة كاملة، يمكن الاتفاق على ذلك ..
فسألها بحذر: والثمن؟ - خمسون قرشا ..
وفكر باهتمام. سيهبه ذلك راحة حقيقية ولكن الثمن فادح. إنه في حاجة إلى الراحة. قال: فكرة طيبة ولتكن مرة في الشهر .. - هل تكتفي بمرة واحدة في الشهر؟ .. - ربما أجيء غيرها ولكن بالطريقة العادية.
واعترف بأنه لا غنى له عنها. إنها تماثله في السن، ولكن يبدو أنها غافلة عن الزمن، وعن أثره السريع فيها. وهي تعيش بلا حب ولا مجد، وكأنها تؤاخي الشيطان في غضبها. وكم غاظه أن تعترف له مرة بأنها اشتركت في مظاهرة فهتف محتدا: مظاهرة! - ما لك! .. نعم مظاهرة .. حتى هذا الدرب أحب الوطن يوما ما ..
وقال إن الجنون منتشر أكثر مما تصور. الاهتمامات السياسية تثيره وتدهشه. وهو يصر على عدم الاكتراث بها. ويؤمن بأن للإنسان طريقا واحدة، وأن عليه أن يشقها وحيدا مصمما بلا أحزاب ولا مظاهرات، وأن الإنسان الوحيد هو الخليق بالشعور بربه وبما يطالبه به في هذه الحياة، وأن مجده يتحقق في تخبطه الواعي بين الخير والشر، ومقاومة الموت حتى اللحظة الأخيرة.
13
واطلع عثمان بيومي ذات يوم على إعلان له شأنه. أعلنت الوزارة عن حاجتها إلى مترجم للغتين الإنجليزية والفرنسية بمكافأة 35 ج. م، وحددت يوما لامتحان مسابقة. اشترك في المسابقة بلا تردد ولا تفكير شامل. وأسفرت النتيجة عن اختياره مما زاد ثقته بنفسه واعتزازه بمواهبه. واستدعاه حمزة السويفي إلى مكتبه - وكانت الوظيفة الجديدة في مكتبه - وقال له: أهنئك على نجاحك الذي يقطع بتعدد قدراتك.
فشكره عثمان بأدبه المعهود فقال الرجل: ولكنها وظيفة ذات مرتب ثابت وسوف تخرج بها من الكادر العام، فهل فكرت في ذلك؟
نامعلوم صفحہ