حدیث عیسیٰ بن ہشام

محمد المويلحي d. 1349 AH
71

حدیث عیسیٰ بن ہشام

حديث عيسى بن هشام

اصناف

ويتركه نهبا لمن لا يحاسبه

فيا عبث المدخر الجامع، ويا غبن المكتنز الطامع، ما كان أغناكم عن الجمع والادخار، وعن الحرمان في الدنيا والخلود في النار.

الباشا :

أراك قد تجاوزت أيها المرشد الواعظ حدك في اللوم والتعنيف، وخرجت عن طورك في العذل والتعزير، وكان بودي أن أعطيك أجرك مضاعفا، ولا أشاهد منك هذه الجرأة علينا بسوء التقريع والتوبيخ، وربما قلت حقا في بعض ما تقول، والرجاء في غفران الله عظيم وفي رحمته متسع، ولعل ما تخلل أعمالنا في أيامنا من الحسنات يشفع لنا فيما اقترفناه من السيئات، ولكن كيف التدبير الآن في اكتساب المعيشة، والاحتيال لالتماس الرزق، بعد أن ضاعت الأموال وذهبت من أيدينا الأحكام على نحو ما تروي وتحكي، وما أرى لضيقي من الفرج إلا أن أورد نفسي حتفها، وأعيد لها حمامها، فما أروح ما كنت فيه من ظلام الرمس،

6

وما أقبح ضياء هذه الشمس.

عيسى بن هشام :

ليس لمثل حالتكم غير الأسف منا والتوجع لكم؛ فقد تمكن الاعتقاد في رءوس الحكام أن ما يقع بالاتفاق لهم أحيانا من ولاية الأحكام هو قياس مطرد وصراط مستقيم لا ملجأ لكم سواه في وجوه المساعي وممارسة مطالب الحياة، وقامت الولاية عندكم مقام بقية الآلات والصناعات التي يجتني أهلها منها ثمر الارتزاق والتكسب، فإذا خلت أيديكم منها واعتزلتم الأحكام تقطعت بكم الأسباب وضاقت بكم السبل في وجوه المعايش كما تصاب يد الصانع بالشلل، فيتعطل عن العمل، ويصبح كلا على كاهل الجميع، يرجو الموت كما رجوت، ويتمنى راحة العدم كما تمنيت، وكأنكم أيها الحكام صنف فوق أصناف الخلقة، لكم نصيب من العيش دون سائر الخلق، فلا تكونون إلا فوق ذهب العرش أو فوق خشب النعش، وقد قال مسكين من رؤساء صناعتكم هذه، وهو في ضيق الحبس، وضيق النفس:

ونحن أناس لا توسط عندنا

لنا الصدر دون العالمين أو القبر

نامعلوم صفحہ