بقلم محمد المويلحي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد العدل، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي القرشي الأبطحي التهامي المكي المدني وآله الطيبين الطاهرين، وبعد فهذا الحديث - حديث عيسى بن هشام - وإن كان في نفسه موضوعا على نسق التخييل والتصوير فهو حقيقة متبرجة في ثوب خيال، لا أنه خيال مسبوك في قالب حقيقة، حاولنا أن نشرح به أخلاق أهل العصر وأطوارهم، وأن نصف ما عليه الناس في مختلف طبقاتهم من النقائص التي يتعين اجتنابها ، والفضائل التي يجب التزامها، وهذه الطبعة الرابعة بعد نفاد الطبعة الثالثة تعهدناها أيضا بما تقتضيه معاودة النظر من إصلاح مواضع النقص والإهمال، ومداركة ما لا يخلو منه كل عمل من شائبة السهو والإغفال، ومن الله التوفيق لكل حال، والتسديد في كل مقال وفعال.
العبرة
حدثنا عيسى بن هشام، قال: رأيت في المنام كأني في صحراء «الإمام» أمشي بين القبور والرجام،
1
في ليلة زهراء قمراء يستر بياضها نجوم الخضراء،
2
فيكاد في سنا نورها ينظم الدر ثاقبه ويرقب الذر راقبه، وكنت أحدث نفسي بين تلك القبور، وفوق هاتيك الصخور، بغرور الإنسان وكبره، وشموخه بمجده وفخره، وإغراقه في دعواه، وإسرافه في هواه، واستعظامه لنفسه، ونسيانه لرمسه، فقد شمخ المغرور بأنفه حتى رام أن يثقب به الفلك، استكبارا لما جمع واستعلاء بما ملك، فأرغمه الموت فسد بذلك الأنف شقا في لحده، بعد أن وارى تحت صفائحه صحائف عزه ومجده،
3
نامعلوم صفحہ