ودون أن يرفع شريف عينيه إلى هذه الفتاة المطلة عليه قال: لا.
فعادت الفتنة تقول: ممكن أنتظرها؟
ودون أن يرفع نظره قال: تفضلي.
وراح هو في دوامة الرسائل مشغولا عن الفتاة وعن نجوى وعن كل شيء. ولم تمض دقائق حتى قال شريف وهو في غمرته ما يزال: مصيبة! مسكين.
فقالت الفتاة: نعم! - مسكين. لا حول ولا قوة إلا بالله.
فقالت الفتاة: أتكلمني يا أستاذ؟
وحينئذ رفع شريف رأسه إلى الفتاة ، وهي تقول مرة أخرى: أتكلمني؟
فتلعثم شريف أمام هذا الجمال الذي أهمله، وقد ساءه هذا الجمود الذي عامل به الزائر، فراح يقول في تردد: نعم ... لا ... أقصد ... مسكين، مسكين ذلك الرجل ... أقصد ...
وانفجرت في الحجرة ضحكة داوية أعقبتها قهقهة عالية، تتحدى الجريدة التي تموج بمن فيها، وتتحدى كل أصول يضعها العرف، ضحكة خالية متخلصة من كل شيء يعوقها، وإنما هي تبحث عن طريق لها لتجد نفسها متفجرة في الجو، حرة مرحة بهيجة بلا عراقيل ولا عوائق.
وانفتحت عينا شريف دهشا فأصبحتا في اتساع فمه المذهول، ولكن قليلا ما لازمه الدهش؛ فقد أطلق هو الآخر ضحكة عالية مقهقة طال احتباسها في نفسه، فنمت وشبت حتى أصبحت ضحكة قوية رائعة جذلانة، لا يذكر أنها صدرت عنه منذ كان طفلا.
نامعلوم صفحہ