17
بنارس يترفع عن الأكل من مائدة البرهمي في كلكتة، وترى هذا البرهمي يعد من الأحلام أن يتزوج ابنته فلاح غليظ من ضفاف غوغرا.
ويتجلى تأثير الإسلام في وادي الغنج على عكس التأثير الآري، فهو يزيد من الغرب إلى الشرق ومن منبع هذا النهر إلى مصبه، ويتألف من المسلمين عشر أهل أودهة وسبع أهل بهار وثلث أهل البنغال، بيد أن الهندوس الذين اعتنقوا الإسلام لم ينفصلوا عن إخوانهم من البراهمة بسبب إسلامهم، فهم يفترقون مثل هؤلاء إلى طوائف، وتجمع أهم الشعائر الدينية بين أتباع تينك الديانتين في الغالب.
وتبصر، مما تقدم، عناصر متقاربة في وادي الغنج يرجى صهر كل منها في شعب متجانس يوما ما؛ لما بين أقصى مثلها من حلقات متصل بعضها ببعض اتصالا يكاد يكون غير محسوس، فبينما تجد في أقسام الهند الأخرى شعوبا مختلفة أشد الاختلاف مع تجاورها، ترى في وادي الغنج عناصر كثيرة منسبكة تقريبا، فترى البنغاليين يعدون أنفسهم فيه من جنس واحد، وترى مثال طبقاته العليا واحدا مشابها لمثال الطبقات العليا في الهند الصينية، وترى طبقاته الدنيا تبتعد عن العرق الأصفر، وترتبط في العروق الفطرية الأولى، وفي قدماء الدراويد والكول.
قبائل وادي الغنج الأدنى المتوحشة: السانتهال والملير، إلخ
يوجد بين الشعب المتجانس الذي وصفناه آنفا جماعات متفرقة من شباه الوحوش ، ولا يعد أكثر هؤلاء من سكان وادي الغنج تماما من الناحية الإثنوغرافية والناحية الجغرافية، وسندرس أمرهم حينما نبحث في شئون إخوانهم من سكان الولايات الوسطى، وما نقوله هنا هو في أمر بعض تلك الجماعات التي لا يجوز الإغضاء عنها الآن ما ظلت من سكان وادي الغنج، وما تكلمنا في هذا المطلب عن هؤلاء السكان.
والملجأ الأخير للهمج الذين أقاموا بشبه جزيرة الهند فيما مضى هو، كما ذكرنا، جبال الهند الوسطى الواقعة في جنوب نهر نربدا ونهر سون والفاصلة بين الهند الشمالية والدكن، فأمام فقر هذه المنطقة وقسوة منظرها وخطر جوها تقهقر الفاتحون، وتهبط منحدراتها الأولى العاصية غير المرودة
18
إلى ضفاف الغنج حيث ينحني هذا النهر العظيم ليتوجه إلى الجنوب، وتعين الضلع التي تحدد مجرى هذا النهر شواهق راج محل المشرفة على الجبال الوسطى، فهنالك، في وسط الهند المتمدنة بين بهار والبنغال، نجد في حال شبه وحشية وشبه طليقة الملير والسانتهال، وهنالك، نحو الجنوب، في جوانب جهوتاناغبور، نجد في حال شبه وحشية وشبه طليقة الأوراون والمندا والكول، أي أكثر شعوب آسيا فطرة على ما يحتمل.
فلندع الآن جانبا أمر هذه القبائل الفطرية الثلاث الأخيرة التي سنتكلم عنها بعد قليل، ولنذكر شيئا عن السانتهال والملير كما يأتي: يقطن الملير أقسام جبال راج محل العليا، ويعرفون بالبهاريين أو الجبليين، ويمكن عدهم مزيجا من سود الدراويد ومن الأهالي الصفر، ولم يتأثروا بالآريين قط، ويجهلون معنى الطائفة، ويشابهون دراويد جنوب الهند كثيرا، ويتصفون بأنسهم ودماثتهم وصدقهم الذي هو مضرب الأمثال، فمن أقوالهم المفضلة: «البين
نامعلوم صفحہ