202

نشأت مذاهب فلسفية مؤازية للبدهية مشابهة للتي ظهرت في العصر البرهمي، وليس في هذه المذاهب ما هو مبتكر كما ألمعنا إلى ذلك، وبعض كتبها إذ ترجم إلى اللغات الأوربية وظن أن البدهية نفسها بين أضاميم ما ترجم من هذه الكتب نرى من المفيد أن نلخص روح تلك المذاهب تلخيصا خاطفا.

قامت تلك المذاهب على القول ببطلان ما في السماء والأرض، فالموجودات ليست إلا مظاهر وحوادث صائرة إلى الفناء، وهي تشابه الزبد الذي يعلو الماء طرفة عين.

فلا رجال ولا نساء ولا خلق ولا حياة ولا نفس، فلا حقيقة لهذه الأشياء، فهي وليدة الخيال، هي مشابهة للوهم، مشابهة للرؤيا، مشابهة لكل ما هو مختلق، مشابهة لخيال القمر في الماء.

ولا يعرف هذا المذهب الفلسفي، الذي لا عهد للأوربيين بمثل تطرفه، إلها خالصا ولا إلها أقدم من العالم، فالطبيعة، بحسب هذا المذهب، هي سلسلة لا حد لها «أولا وآخرا» من الموالد والهلكات والتراكيب والانحلالات الدائمة والعلل المتحولة التي هي معلولات والمعلولات المتحولة التي هي علل والحوادث التي لا أول ولا آخر لها.

شكل 3-15: أحمد آباد. مسجد الملكة في ميرزابور «القرن الخامس عشر من الميلاد»، «دقائق الزخرف»، «يبلغ ارتفاع قسم المئذنة البادي ستة أمتار و30 سنتيمترا.»

وفلاسفة البدهية، بعد أن أنكروا مبدأ التكوين، أنكروا مبدأ القضاء والقدر السائد لجميع الأديان اليونانية، فلم يروا وجود قدر مسيطر على المخلوقات، فمصير كل مخلوق عندهم منوط بسيره، والناموس الأدبي هو الذي يربط الحوادث بعضها ببعض، والأعمال وحدها، أو نتائج هذه الأعمال، هي الخالدة، والمخلوق يمكنه بالفضل أن يصل، بعد سلسلة من الموالد، إلى نعمة العدم فلا يبالي بالدموع ولا بالآلام فيفنى في نروانا فلا تبقى ضرورة إلى تقمصه صورا أخرى.

شكل 3-16: أحمد آباد. مسجد الملكة في سارنغ بور «القرن الخامس عشر من الميلاد»، «يبلغ ارتفاع قسم المئذنة الظاهر في هذه الصورة خمسة أمتار و65 سنتيمترا.»

وفي كتب الفسلفة البدهية سلسلة من التأملات التي تثبت بطلان الأشياء، فالبدهي؛ بعد أن يعلو منطقة الصورة والصلابة والخلفة ينتهي بتأمله إلى منطقة اللانهاية في الفضاء، والبدهي بعد أن يعلو منطقة اللانهاية في الفضاء ينتهي إلى منطقة اللانهاية في الذكاء، والبدهي بعد أن يعلو منطقة اللانهاية في الذكاء ينتهي إلى منطقة العطل من الموجودات، والبدهي بعد أن يجاوز منطقة العطل من الموجودات ينتهي إلى منطقة العطل من الخيالات وعدم الخيالات، والبدهي بعد أن يجاوز منطقة العطل من الخيالات وعدم الخيالات ينتهي إلى منطقة الانقطاع عن الخيالات والإدراكات، فهنالك يصبح محايدا تجاه الأفكار، محايدا تجاه إدراك الخيالات فيعود غير ذي خيال، أي غير مؤكد عدم الوجود لما يدل عليه هذا التوكيد من الوجود، فإذا ما بلغ هذه المرحلة الخالية التي ارتفع إليها «أضحى اسم بدهة كلمة وأضحى بدهة نفسه وهما أو طيفا.»

وهذه المزاعم الفلسفية التي لا أماري في بعد غورها تسوق واضعيها، في بعض الأحيان، إلى السفسطة، والتوكيد أول ما يجيب به فلاسفة البدهية عن جميع الأسئلة، ثم يجيبون عنها منكرين، ثم يجيبون عنها غير مؤكدين وغير منكرين، ومن ذلك أنهم يجيبون عن السؤال: «هل يوجد بدهة أو لا يوجد بعد الموت؟» بقولهم: «يوجد بدهة بعد الموت، ولا يوجد بدهة بعد الموت، ويعود بدهة غير موجود بعد الموت ما دام غير موجود بعد الموت.»

وبين الأوربيين من يرون، مثل حواريي شا كيه موني أن العالم سيصبح بدهيا، وليس فيما يرون ما يتعذر وقوعه، فاستنبطوا من تأملات فلاسفة البدهية كتاب ديانة ذا مسحة عصرية فوافق عليه كاهن شري بدا الأكبر بجزيرة سيلان، ولا أقول مؤكدا إن هذا الكاهن الأكبر الذي استصوبه قد ألم به، وإنما يخيل إلي أنه يوافق على كتاب ديانة آخر مستنبط من الكتب البدهية مناقض لذلك الكتاب.

نامعلوم صفحہ