ولا شيء أصعب من وضع تقسيم لآلهة الآريين ووضع سلسلة لها.
وأكثر الآلهة أو الرموز المذبذبة ذات الصفات والمقامات غير المستقرة على الدوام، فتجد الأساطير الويدية مملوءة بها، هي ما يأتي: إله النار أغني والشراب المختمر سوما الذي يحثه، فأغني هو موجب الآلهة وهو موجب العوالم وهو موجب الحياة الكونية، وسوما يخلد الآلهة ويهب للناس القوة والنشاط، وسوما أوجب مثله، السماء والأرض، إندرا ووشنو، وسوما حين اتحد بأغني صور السماء والكواكب.
وملك السماء إندرا هو من أكثر الآلهة ذكرا لدى الآريين، فهذا الإله محارب واقف على مركبة حرب كأنه زعيم عشيرة آرية.
ويجتمع حول الإله إندرا آلهة لا يحصيها عد فتقاسمه سلطانه وتغلبه في الغالب، ومنها الآلهة التي تعرف بالماروت، أي آلهة الزوابع والأعاصير والبروق وتوزيع الأمطار، والتي هي أولاد رودرا الذي هو أجمل إله والذي يرسل الصواعق ويحمي الأنعام ويشفي المرضى، ومن تلك الآلهة الذي يعرف ببرهسبتي الذي ينظم الكون، ومنها الإله ورونا الذي ينظر إلى أعمال الناس والذي هو ملك السماء كالإله إندرا، والذي يصوره بعض الأناشيد خاضعا للإله إندرا هذا، ويصوره بعضها سائدا له، ويصوره بعض آخر منها متحدا به.
ثم يجيء الإله سوريه، الشمس، وشنو الذي يجوب الفضاء بثلاث خطوات، والذي قفز ذات يوم إلى الصف الأول من الآلهة بعد أن كان ذكره خاملا في الويدا.
ويضاف إلى تلك الآلهة، الكثيرة التي لا فائدة من عدها جميعها، أشخاص مجردة كبوراندهي «الرخاء» وأراماتي «الإحسان» ومرتيو «الموت»، إلخ.
وتمثل الآريين للآلهة يختلف عن تمثل الأوربي لها اختلافا عظيما، فلا نرى علما يستطيع أن يحيي أفكارا ميتة عبر عنها بلغة شعب ميت، فما في لغاتنا العصرية من كلمات بينة محكمة لا يعرب به عن آراء أولئك.
ولا يمكننا أن نبصر معنى الأمور الخاصة بزمان زال إلى الأبد إلا بالبحث العميق في آثاره الأدبية، فمع أن قصائد المهابهارتا والراماينا أحدث من النشائد الويدية الأولى تبدو آثارها آرية بالحقيقة، فمن يقرأها يسهل عليه أن يتبين الفروق بين ما دار حول الآلهة عند الآريين من الأفكار وما يدور حولها عندنا، فسلطان الآلهة وإن مجد ذلك في تلك القصائد، في الغالب، لم تخرج هذه الآلهة ظافرة في كل مرة من اصطراعها هي والإنس أو الجن، والأدب الهندوسي حافل بمئات الأقاصيص التي هي من هذا الطراز، ومن ذلك أن راونا، ملك الجن المعروفين بالركشسا افتخر، وهو يخاطب أحد الزهاد، بقهره للإله العظيم إندرا والإله يما، ومن ذلك ما ورد في صفحة أخرى من أن ابن الإنسان لكشامنا أخا راما قال للحسناء سيتا معزيا إياها عن غياب زوجها الذي افترضت وقوعه في مكمن:
من المستحيل أن تغلب الأسرا وجميع الآلهة، حتى الإله إندرا، أخي.
ومن ذلك أيضا ما ورد في رواية شكن تلا التي نظمها الشاعر كالي داسا في القرن السادس من الميلاد، على ما يحتمل، من أن «ملك الآلهة» إندرا أرسل رسولا إلى الملك دشاينتا، الذي هو رجل، ليرجو منه أن يعينه على قهر العفاريت الذين «يشعر بعجزه عن دحرهم»، فوافق ذلك الملك الرجل على ما طلب منه فانتصر على أولئك العفاريت الذين لم يسطع «ملك الآلهة» أن يغلبهم.
نامعلوم صفحہ