سادت الفوضى بعد غارة تيمور لنك، فحاول الولاة الذين استقلوا بالولايات الإسلامية أن يصبحوا أصحاب دهلي، فتمكن اللودي، حكام لاهور، من الاستيلاء عليها في سنة 1450 فأسسوا أسرة أفغانية مالكة سابعة دام سلطانها إلى سنة 1517.
ففي تلك السنة سلك حاكم لاهور الجديد تلك السنة فأراد الاستقلال، فرأى إبراهيم لودي أن يحمله على الخضوع فاستغاث بملك كابل المغولي بابر الذي هو من حفدة تيمور لنك وجنكيز خان، فأبصر بابر هذا أن فرصة فتح الهند سنحت، فلاح له اهتبالها فزحف إليها بجيش مؤلف من 12000 رجل فغلب جيش لودي المؤلف من 100000 رجل فاستولى على دهلي وعلى جميع شمال الهند.
بابر ذلك هو مؤسس آل الملك المغولي بالهند، وهو الذي استطاع أن يدوخها، ثم مات في أغرا سنة 1530 بعد أن أصبحت أفغانستان وهندوستان قبضته.
حافظ جنوب الهند على استقلاله في معظم الدور الإسلامي الأول الذي لخصناه آنفا، وذلك خلا القسم المتوسط المجاور لنربدا الذي استولت عليه الدول الإسلامية المستقلة، ولم تخضع الهند بأسرها لسلطان واحد إلا في الدور الأخير من الدولة المغولية، وذلك لوقت قصير جدا، ففي شمال الهند ووسطها، إذن، مارس بابر وخلفاؤه ملكهم.
اضطر همايون «1530-1556»، ابن مؤسس الدولة المغولية بالهند، إلى الجهاد طويلا، فأكره على الجلاء عن أغرا إلى السند حيث تزوج امراة فارسية فرزق منها في سنة 1542 ابنه الذي اشتهر بالملك أكبر فيما بعد، ثم ثبت دعائم مملكته فاسترد ما خسره فمات بالقرب من دهلي حيث لا يزال ضريحه ماثلا.
وفي زمن خليفة همايون، الملك أكبر «1556-1605»، تجلت عظمة الدولة المغولية بالهند، فقد حاول هذا الملك إدغام الهندوس بالمسلمين فتزوج أميرات هندوسيات، واتخذ وزراء له من المسلمين والهندوس معا، وأراد مزج فني عمارة كلتا الأمتين، ونستطيع أن نتبين مقاصده من المباني التي شادها وإن سكت التاريخ عنها، ويعد عهده الذي دام خمسين سنة من أنضر العهود الجديرة بأطيب الذكر، ونرى النظم التي انتحلها من أكثر النظم ملاءمة للشعوب التي ملكها، وكتب لكثير من هذه النظم البقاء بعده، وقلدها الإنجليز في الغالب.
وأكبر، إذ كان مرتابا وكان يعد الهندوس والمسلمين من المتعصبين، احترم ديانتيهم، وشجع بإنصاف إقامة معابد لجميع الأديان، وخيل إليه أن يصهر الأديان في دين واحد فحبط ما سعى إليه.
والملك جهانكير «1605-1628» من النوابغ أيضا، وإن كان دون أبيه أكبر أهمية، وهو، إذ كان مرتابا كأبيه متحليا مثله بخلق التسامح، سار على سياسته فتزوج نساء مسلمات هندوسيات، فعامل هاتين الأمتين بإنصاف، وكان للنصارى الذين بلغ عددهم ستين شخصا في عاصمته نصيب من رعايته.
ولم يكن ابنه شاهجهان الذي خلفه سنة 1628 فدام سلطانه إلى سنة 1658 متسامحا مثله، فقد حذف من فن العمارة ما استطاع حذفه من المؤثرات الهندوسية كما يدل على ذلك ما شاده من المباني.
وفي سنة 1637 استقر شاهجهان بدهلي، وأنشأ فيها القصر الفخم الذي لم يسمح الإنجليز بغير بقاء جزء منه، فيعد، مع ذلك، من أجمل مباني الدنيا.
نامعلوم صفحہ