194

وأرضو كل قرية مشاعة بين أفرادها، ويستطيع كل واحد من هؤلاء أن يزرع منها بنسبة ما عنده من البقر، وتباع الحبوب، التي تزيد على احتياجات بقر كل زمرة وجمالها من الأعراب أو من تجار دمشق، أو أن القوافل تنقلها إلى سواحل سورية لترسل إلى أوربة.

وتكون المنتجات مال الزمرة خلا الدخل القليل الذي يناله بعض الأفراد من بعض المصادر وينفقونه كما يشاءون.

وتعد الصناعة، هنالك، في حكم المعدوم تقريبا، وذلك أن الأهلين يصنعون قليلا من النسائج، ويبتاعون ما يحتاجون إليه منها من تجار دمشق الذين يشترون حبوبهم.

وتتألف كل زمرة من أسر كثيرة، قال مسيو دپلبه:

لا يدل اسم الزمرة التي تضم أناسا كثيرين يعيشون تحت سقف واحد على كل واحد من أفرادها دلالة واضحة، وإنما يضاف اسم ذلك الفرد إلى اسم أبيه فيقال: فلان بن فلان، وإذا ما كان للوالدين ولد أضيف اسم كل منهما إلى اسمه فيقال: فلان أبو فلان أو فلانة أم فلان، وفي الغالب يحذف اسم كل من الوالدين فيقال أبو فلان أو أم فلان، وإذا لم يكن للزوجين ولد لم يكنيا لما في التكنية الوهمية من السبة، ويتسمى الناس باسم أسر حينما تكون أسماء هذه الأسر من أسماء ذوي المجد والجاه من الأجداد الذين تصلح أسماؤهم أن تكون مدار فخر للحفدة، وقد جرت العادة، مع هذا، على إطلاق اسم جد الأسرة المجيد على ربها العتيد وحده، وإن كان ذلك من حقوق جميع أفراد تلك الأسرة.

ويبلغ عدد أفراد كل أسرة في الزمرة، ومنهم الخدم، نحو ثلاثين شخصا تابعين لرئيسها الذي هو أكبر أفرادها سنا، وتقوم النساء بتدبير منزل الأسرة حصرا، ويعاملن برفق ولطف وإن كن يرقبن رقابة وثيقة، وإذا حدث أن اقترفت إحدى الفتيات خطيئة، وهذا ما يندر وقوعه، قتلها أقرباؤها.

ويرجع إلى القرآن والعادة في أحوال حضريي العرب الشرعية، ويفصل شيخ في خصوماتهم، وقد يرضى أهل القتيل بالدية، ويفضلون القصاص عليها في الغالب، ويؤدي كل قتل إلى تعاقب حوادث القتل بتعاقب الأجيال.

شكل 1-4: مخيم أعراب بالقرب من طنجة (من صورة فوتوغرافية).

ولا تقع حوادث القتل إلا نادرا لما ينشأ عنها من النتائج الخطرة، ويحترم الأعراب أنفسهم حياة الإنسان حين النهب خوفا من الثأر، وما يؤدي إليه الثأر من تأصل العداوة وتأرثها .

ويكون الثأر نافعا عند من هم على الفطرة، وإن ظهر أول وهلة عملا همجيا، فهو يمنع حوادث القتل التي تقع، لا محالة، عندما يكون القانون رحيما، وهم يرونه أحسن القوانين؛ لأنه الدواء الوحيد.

نامعلوم صفحہ