حضارة العرب في الأندلس
حضارة العرب في الأندلس: رسائل تاريخية في قالب خيالي بديع
اصناف
والنجم تستصغر الأبصار صورته
والذنب للطرف لا للنجم في الصغر
وأما التجارة فلعلك قد شاهدت كثرة السلع والبضائع المجلوبة إلى هذه البلاد والحوانيت والمتاجر المتكاثرة في شوارع البلد، وكذلك عساك قد أبصرت الحركة المباركة في مينائنا وعمال المكوس فيها، مما تتحقق منه أن الجزيرة قد شأت شأوا بعيدا في التجارة بفضل نشاط المسلمين وإقدامهم وبعد هممهم، وكل ذلك بما أثر فيهم روح هذا الدين القويم وآدابه الإلهية.
لقائي الأمير أبا الحسين أحمد بن أبي الحسن الكلبي؛ والي جزيرة صقلية
إني لجالس مع الفقيه الوثائقي في مسجده بعد أن تغدينا وصلينا صلاة الظهر، ثم أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا، إذ دخل علينا المسجد خادم من قبل الأمير، فذعر الفقيه عندما أخذت عينه هذا الخادم، فذعرت لذعره، ثم قال الخادم: إن الأمير يدعوك الساعة إليه ومعك ضيفك المصري، فقلت للفقيه: أثم ما يخاف منه فأفرخ روعي
138
وقال: الآن لا، أظن ثمت شيئا أكثر من رغبة الأمير في أن يستطلع منك طلع مصر والمصريين، وأميرنا - حفظه الله - من خواص أهل الأدب وعليتهم، وإنه لذو حظ عظيم من رجاحة العقل وسجاحة الخلق، يحب الأدباء ويقربهم إليه، ويتحدث معهم كما يتحدث النظير مع النظير، على أن اليوم في صقلية كأنه عيد من أعياد الأهلين؛ إذ كان قد ورد من أيام على الأمير كتاب من أمير المؤمنين المعز لدين الله يأمر الأمير فيه بإحصاء أطفال الجزيرة، وأن يختتنهم ويكسوهم ويحبوهم بالعطايا في اليوم الذي يختتن فيه ولد أمير المؤمنين، فكتب الأمير خمسة عشر ألف طفل، ثم اختتن ولده وإخوته، وقد أمر اليوم باختتان سائر أطفال الجزيرة، وخلع عليهم، وفرق فيهم مائة ألف درهم، وخمسين حملا من الصلات وردت عليه من أمير المؤمنين،
139
فكيف نتوقع شرا من الأمير في مثل هذا اليوم المبارك؟
وقد كان مع الخادم بغلتان فارهتان من مطايا الأمير وقد جللتا بالديباج وحليتا بالفضة، فركبت أنا والفقيه وسرنا حتى وصلنا إلى دور الإمارة، فوقعت عيني على شيء لم تقع على مثله من قبل.
نامعلوم صفحہ