صَار الْإِنْسَان إنْسَانا وانفصل عَن الْحَيَوَان الَّذِي لَا نطق لَهُ لِأَن هَذِه الصُّورَة مبدؤها من الْعقل الفعال ومرجعها إِلَيْهِ
وَشرح هَذِه الْجُمْلَة أَن مبدأ علم الْإِنْسَان الْأَعْدَاد الَّتِي لَا تحْتَاج فِي تفهمها إِلَى مَادَّة ثمَّ يترقى مِنْهَا إِلَى النّظر فِي الأعظام الَّتِي تحْتَاج فِي تفهمها إِلَى الْمَادَّة غير أَن مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي بَعْضهَا من الْمَادَّة أقل مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي بعض لِأَن مبدأ الأعظام النقطة الَّتِي هِيَ مبدأ الْخط وَلَا بعد لَهَا ثمَّ الْخط الَّذِي هُوَ مبدأ السَّطْح ثمَّ السَّطْح الَّذِي هُوَ مبدأ الْجِسْم وَهَذِه يحْتَاج فِي تفهمها إِلَى مَادَّة يسيرَة فَإِذا انْتهى إِلَى النّظر فِي الْجِسْم استغرق فِي الْمَادَّة وَحصل بنظره فِي الْعلم الطبيعي ثمَّ يبْدَأ يَنْسَلِخ من الْمَادَّة قَلِيلا قَلِيلا على تدرج كَمَا ترقى إِلَيْهَا قَلِيلا قَلِيلا عِنْد نظره فِي النقطة والخط والسطح فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يُفَارق الْمَادَّة قَلِيلا وَذَلِكَ أَنه إِذا نظر فِي العناصر والمعادن فَإِنَّمَا ينظر فِي أجسام غضة لَيْسَ فِيهَا مبدأ غير الطبيعة فَإِذا صَار إِلَى
1 / 59