الفقه يقف عليها المتدبر. والسر في ذلك ان حجية الأصل في النفي والعدم إنما هو من حيث لزوم قبح تكليف الغافل كما سيتضح لك ان شاء الله تعالى ، وهذا لا يجري في إثبات الحكم به ، ولا دليل سوى ذلك ، فيلزم إثبات حكم بلا دليل.
إذا تقرر ذلك فاعلم ان البراءة الأصلية على قسمين : (أحدهما) انها عبارة عن نفي الوجوب في فعل وجودي الى ان يثبت دليله ، بمعنى ان الأصل عدم الوجوب حتى يثبت دليله. وهذا القسم مما لا خلاف ولا إشكال في صحة الاستدلال به والعمل عليه ، إذ لم يذهب أحد الى أن الأصل الوجوب ، لاستلزام ذلك تكليف ما لا يطاق وللأخبار الدالة على ان «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (1). و «الناس في سعة ما لم يعلموا» (2). و «رفع القلم عن تسعة أشياء ، وعد منها
«علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن ابى عبد الله ( عليه السلام ) ان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وبيضها وجبنها ، وفيها سكين. فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ): يقوم ما فيها ثم يؤكل ، لانه يفسد وليس له بقاء ، فان جاء طالبها غرموا له الثمن. قيل يا أمير المؤمنين لا يدرى سفرة مسلم أو سفرة مجوسي؟ فقال : هم في سعة حتى يعلموا».
صفحہ 43