118

حدائق الانوار ومطالع الاسرار في سيرة النبي المختار

حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار

تحقیق کنندہ

محمد غسان نصوح عزقول

ناشر

دار المنهاج

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٩ هـ

پبلشر کا مقام

جدة

بعجزهم وعجز من سواهم عن مقاومته.
[وأمّا صحّتها]: ولمّا بعث الله نبيّنا محمّدا ﷺ كان منتهى علم أهل عصره، وغاية المعرفة والكمال عندهم أمران:
أحدهما: فصاحة المنطق، وبلاغة الكلام، والتّفنّن فيه نثرا ونظما، في خطبهم/ وأشعارهم.
وثانيهما: علم الكهانة والزّجر «١»، والإخبار عن الحوادث.
فجعل الله معجزته العظمى ما أنزل عليه من الكتاب الحكيم، على هذا الأسلوب الغريب، الّذي لم يهتدوا إلى طريقه، ولا سلكوا سبيله، وتحدّاهم أن يأتوا بمثله، ثمّ بعشر سور منه، ثمّ بسورة، فعجزوا، وجعله مشتملا على الإخبار بالمغيّبات، وكشف المخبّات الّتي اعترف بصحّتها وأذعن لصدقها أعدى الأعداء له، وأبطل بذلك ما كانوا عليه من الكهانة، الّتي تصدق مرّة وتكذب ألفا.
فلمّا ادّعى ﷺ النّبوّة والرّسالة إلى النّاس كافّة، وأظهر المعجزات، وعظيم الآيات، الّتي لم تعارض في جميع الأوقات؛ دلّ ذلك قطعا على صدق ما ادّعاه.
أمّا دعواه النّبوّة والرّسالة: فمعلوم بالتّواتر بين البرّ والفاجر، لا يختلف فيه مؤمن وكافر.
وأمّا إقامته على ذلك الدّلائل الظّاهرة، والمعجزات الباهرة؛ فلما نقله الخلف عن السّلف، من الأمور الخارقة- كانشقاق القمر، وتسليم الحجر، وإجابة الشّجر، وحنين الجذع، وتسبيح الحصى، وتفجير الماء من بين أصابعه، وتكثير الطّعام القليل ببركته- وغير ذلك

(١) الزّجر: النّهي. وإنّما سمّي الكاهن زاجرا لأنّه إذا رأى ما يظنّ أنّه يتشاءم به زجر بالنّهي عن المضيّ في تلك الحاجة.

1 / 129