حدائق الازاہر

Ibn 'Asim al-Gharnati d. 829 AH
79

حدائق الازاہر

حدائق الأزاهر في مستحسن الأجوبة والمضحكات والحكم والأمثال والحكايات والنوادر

وإذا أحب الله يومًا عبده ... ألقى عليه محبة للناس وقال علي بن أبي طالب ﵁: لا راحة لحسود، ولا إخاء لملول، ولا محب لسيء الخلق. وقال عبد الله بن مسعود: لا تعادوا نعم الله، قيل: من يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. وقال ﵇: شر الناس من اتقاه الناس لشره. وعرض على أبي مسلم فرس جواد، فقال لأصحابه: لماذا يصلح مثل هذا الفرس؟ قالوا: أن يغزى عليه العدو، قال: لا، ولكنه يركبه الرجل، فيهرب منه من الجار السوء. وقالت الحكماء: لا شيء أضيع من مودة من لا وفاء له، واصطناع من لا شكر عنده، والكريم يود الكريم عن لقية واحدة، واللئيم لا يصل أحدًا إلا عن رغبة أو رهبة. وقال ﷺ: من أوتي حظه من الرفق، فقد أوتي حظه من خير الدنيا والآخرة، ومن حرم حظه من الرفق، فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة. وقال بعض الحكماء: العين باب القلب، فما كان في القلب ظهر في العين. وقيل لبعض الحكماء: علام أسست عبادتك؟ قال: على أربعة أشياء، علمت أن لي رزقًا لا يفوتني، فلم أشغل قلبي به، ولم أطلبه، وعلمت أن لي أجلًا يبادرني فأنا أبادره، وعلمت أن لي فرضًا لا يقيمه غيري، فأنا مشتغل به، وعلمت أني لا أغيب عن نظر ربي، فأنا مستح منه. وقال بعضهم: عشرة من مكارم الأخلاق، صدق الحديث، وصلة الرحم، وحفظ الجار، وأداء الأمانة، وبذل المعروف، ومكافآت الأيادي، ورعاية ذمام الصاحب، وقرى الضيف، وكتمان السر، ورأسهن الحياء. وكان يقال: أربعة من كن فيه فقد حيزت له الدنيا والآخرة، صدق الحديث، وأداء الأمانة، وعفاف الطعمة، وحسن الخلق. وقال بعض الحكماء: ستة إن أهينوا، فلا يلوموا إلا أنفسهم، المستخف بالسلطان، واللاعب مع الصبيان، ومعترض السكران، والمقبل بحديثه على من لا يسمعه، ومن قعد مقعدًا ليس بأهل له، ومن تقدم إلى طعام لم يدع إليه. وقال بعض الحكماء: من كتم السلطان نصيحته، والأطباء مرضه، والإخوان بثه، فقد أخل بنفسه. وقالت الحكماء: إمام عادل خير من مطر وابل. وقال الشعبي: قال لي ابن عباس، قال لي أبي: إني أرى هذا الرجل - يعني عمر بن الخطاب - يستفتيك ويقدمك على الأكابر من أصحاب رسول الله ﷺ، وإني موصيك بخلال أربع، لا تفش له سرًا، ولا يجرين عليك كذبًا، ولا تطوعنه نصيحة، ولا تغتابن عنده أحدًا، قال: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف، قال: إي والله، ومن عشرة آلاف. وقال بقراط الحكيم: العفو يفسد من اللئيم بقدر ما يصلح من الكريم. ومن حكم البخلاء ووصاياهم، قال أبو الأسود الدؤلي: إمساكك ما بيدك خير من طلبك ما بيد غيرك. وقال: لو أطعنا المساكين في أموالنا لكنا أسوأ حالًا منهم. وقال لهم: لا تجادوا الله؛ فإنه أجود وأكرم، ولو شاء أن يغني الناس كلهم لفعل، ولكنه علم أن قومًا لا يصلحهم، ولا يصلح لهم إلا الغنى، وقومًا لا يصلحهم ولا يصلح لهم إلا الفقر. وقال رجل من تغلب: أتيت رجلًا من كندة أسأله، فقال: يا أخا بني تغلب، إني، والله، لو مكنت الناس من داري لنقضوها طوبة طوبة، والله ما بقي بيدي من مالي وعرضي إلا ما منعه من الناس. وقيل لخالد بن صفوان: مالك لا تنفق؛ فإ، مالك عريض؟ فقال: الدهر أعرض منه، فقيل له: كأنك تأمل أن تعيش الدهر كله، قال: لا، ولكني أخاف ألا أموت في أوله. وقال الجاحظ: قلت لرجل: أترضى أن يقال لك بخيل؟ قال: لا أعدمني الله هذا الاسم؛ لأنه لا يقال لي: بخيل، إلا وأنا ذو مال، فسلم لي المال، وسمني بأي اسم شئت. وقال شبيب: اطلبوا الأدب؛ فإن مادة العقل، دليل على المروءة، صاحب في الغربة، مؤنس في الوحشة، صلة في المجلس. وقال الخليل ﵀: من لم يكتسب بالأدب مالًا، اكتسب به جمالًا. وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: عليكم بالأدب؛ فإنكم إن احتجتم إليه كان لكم مالًا، وإن استغنيتم عنه كان لكم جمالًا. وقال عبد الملك بن مروان: سمعت بعض الأعراب يقول: الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن. وقال الخليل بن أحمد ﵀: ثلاثة أحبها لنفسي، ولمن أريد رشده، أحب أن يكون بيني وبين ربي من أفضل عباده، وأكون بيني وبين الخلق من أوسطهم، وأكون بيني وبين نفسي من شرهم.

1 / 79