121

يتراوحون اثنين اثنين فينزفون إلى الليل ربما يشعر بعدم الرخصة في ترك العمل أثناء ذلك اليوم ولا يخفى انه لا دلالة في الحديث على أن القوم المذكورين أربعة لا أزيد فلعل اقتصار الأصحاب في كتب الفروع على الأربعة بناء على أقل ما يحصل به تراوح اثنين والعلامة في المنتهى على اجزاء الأقل من الأربعة ان ينقص نزحهم عن الأربعة ولم يرتضه شيخنا في الذكرى اما الزائد عليها فمقتضى الحديث اجزاء تراوحهم وقيده شيخنا في الذكرى بما إذا لم يحصل زيادة فترة وتراخ بسبب الكثرة وهو غير بعيد لكن استدلاله طاب ثراه على اجزاء ما فوق الأربعة بمفهوم الموافقة غير سديد فإنه يستفاد من تناول لفظ القوم لما فوقها وليس هذا مفهوم موافقة ولعل مراده رحمه الله انه إذا ثبت بالحديث اجزاء الأربعة ثبت اجزاء ما فوقها بمفهوم الموافقة مع قطعنا النظر عن تناول القوم له هذا وقد يستفاد مما تضمنه الحديث من لفظ القوم عدم اجراء النساء ولا الخناثى ولا الملفق لاختصاص القوم بالرجال ويؤيده قوله تعالى لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء لكن صرح صاحب القاموس وغيره باطلاق القوم على النساء أيضا ومن ثم قيل بالاجتزاء بهن وهو غير بعيد وشرط بعض الأصحاب في الاجتزاء بهن عدم قصور نزحهن عن نزح الرجال وهو كما ترى فإنه إذا صدق عليهن اسم القوم حصل الامتثال بنزحهن سواء ساوى نزح الرجال أو قصر عنه وما تضمنه الحديث الثاني عشر من نزح سبعين لموت الانسان مما أطبق عليه القائلون بوجوب النزح والحق بعضهم به ما لو وقع فيه ميتا غير مغسل غسلا تاما وهو محتمل والانسان بعمومه يتناول الصغير والكبير والذكر والأنثى والمسلم والكافر وخصه ابن إدريس بالمسلم وقال إن الكافر ينزح لموته الجميع بناء على وجوب الجميع بملاقاته حيا لأنه مما لا نص فيه وما لا نص فيه ينزح له الكل بملاقاته حيا وقوله مما لا نص فيه يدفعه تناول الانسان للمسلم والكافر فإنه يجري مجرى النطق بهما وإذا ثبت الاكتفاء بالسبعين في موته في البئر المقتضي لمباشرته حيا وميتا وجب الاكتفاء بها مع مباشرته حيا فقط بطريق أولى ولا يخفى ان هذا الكلام يعطي ان خلاف ابن إدريس فيما إذا مات في البئر لا إذا سقط ميتا لكن كلام العلامة في المختلف يعطي الثاني فإنه قال في الرد عليه ان نجاسة الكافر حيا انما هو بسبب اعتقاده وهو منفي بعد الموت هذا كلامه وأنت خبير بان القائل ان يقول إن هذه النجاسة لا تزول بمجرد زوال الاعتقاد الباطل بل لا بد في زوالها من طريان اعتقاد اخر مع الاقرار باللسان ولو كان مجرد الخلو عن الاعتقاد الباطل مطهرا للزم طهارة الكافر حال النوم والاغماء والجنون ونحوها فتأمل وما تضمنه من نزح دلو واحد للعصفور هو قول الشيخين واتباعهما والحق بعضهم بالعصفور ما دون الحمامة من الطيور والأولى اقتصارهم على ما يسمى عصفورا في العرف والظاهر أنه لا فرق بين ذكره وأنثاه وان فرق أهل اللغة بينهما بالحاق الهاء ولنرجع إلى تفسير الحديث فنقول الإشارة في قوله عليه السلام هذا إذا كان ذكيا إلى نزح الدلاء واسم كان يعود إلى الواقع في البئر والمراد بالذكي المذكى أعني المذبوح والغرض ان نزح الدلاء انما يجزى إذا كان الواقع في البئر حال الوقوع مذكا لا ميتا ولا حيا ثم يموت فيه وقوله عليه السلام فهو هكذا تأكيد لمضمون هذا الكلام وقوله عليه السلام فأكثره الانسان بالثاء المثلثة وربما يصحف بالباء الموحدة والمجرور فيه يعود إلى ما سوى المذكى والمراد فأكثره نزحا الانسان وهو كذلك فان نصابه العددي في النزح أكثر من سائر الحيوانات وانما قيدنا بالعددي لنخرج النزح التراوحي ونزح الماء كله ونزح الكر والله سبحانه اعلم الفصل السادس في ذكر نبذة

صفحہ 124