ہابرماس مقدمہ قصیرہ
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
لقد بدلت عولمة الأسواق الاقتصادية والمالية التوازن الدقيق بين النمو الاقتصادي والرفاهة الاجتماعية. وكان للعولمة أثر؛ إذ قيدت حكومات الدول القومية فرادى. فالشركات الكبرى يمكنها بسهولة التهرب من قوانين العمل بتغيير مقرها إلى بلدان تفتقر أسواقها للقوانين وذات عمالة رخيصة. إن خطر «هروب رءوس الأموال» هذا يجبر الحكومات، أيا كانت طبيعتها، على خفض الضرائب (ولا سيما ضرائب الأعمال والشركات). أصبح رفع الإيرادات مشكلة تواجهها الحكومات. فثمة حد لمقدار الأموال التي يمكن جنيها عبر وفورات زيادة الكفاءة. خلاصة القول، أصبح من الصعب على حكومات الدول الوحيدة تمويل وتنفيذ سياسات من شأنها احتواء الآثار الجانبية الاجتماعية والسياسية المكروهة للنمو الاقتصادي الرأسمالي.
في رأي هابرماس، هناك ردان محتملان لهذه المشكلات. إن البديل الليبرالي الجديد يقضي بالتكيف مع الضغوط الاقتصادية العالمية على النحو التالي: خفض التكاليف، والحفاظ على «مرونة» أسواق العمل (أي عدم تقيدها بالقوانين)، وتحميل الأفراد عبء تأمين أنفسهم ضد احتمالات البطالة، وتدهور الحالة الصحية، وما إلى ذلك من أخطار. الدرس المرير المستفاد أن الفائزين اقتصاديا من المنافسة على رفع القيود التنظيمية هم الخاسرون على المستويين الاجتماعي والسياسي.
والبديل الآخر هو أنه يجب عولمة السياسة أيضا كي تكبح جماح الاقتصاد. وتحديدا، يعني ذلك إنشاء مؤسسات سياسية فوق وطنية تتمتع بسلطة ونفوذ وسبل تنفيذ قراراتها. لأول وهلة، قد يبدو هذا البديل مثاليا بشكل مغالى فيه. يرد هابرماس على ذلك قائلا إنه بمجرد أن يتقبل المرء التقادم الوشيك للدولة القومية ككيان سياسي، لا يجد أمامه سوى بديل سانح واحد، وسيكتشف أن التوسع السياساتي إلى ما وراء الدولة القومية جار بالفعل. إن الاتحاد الأوروبي مثال طموح نسبيا لما يمكن إنجازه.
بالطبع الاتحاد الأوروبي سيوفر ثقلا مقابلا فاعلا للضغوط الاقتصادية العالمية إذا تمكن من إيجاد نظائر عملية على المستوى ما فوق القومي لاحتواء وظائف دولة الرفاه . لقد استطاعت سياسات الاتحاد الأوروبي، عبر تقديم الدعم وغير ذلك من سياسات إعادة التوزيع المتواضعة، الحد من بعض الآثار الضارة للمنافسة الإقليمية بين الدول الأعضاء فيه. علاوة على ذلك، قد أصدرت محكمة العدل الأوروبية مئات القرارات المتعلقة مباشرة بمسائل العدالة الاجتماعية (مما أثار حفيظة نقادها من الليبراليين الجدد والمحافظين في بريطانيا) تؤثر تأثيرا قويا على السوق الداخلية المشتركة. ولا يقلل هابرماس من شأن الصعوبات التي تعترض مشروع الاندماج الاقتصادي والسياسي الأوروبي. فالاتحاد الأوروبي ما زال بحاجة إلى التعامل مع الغايات المتضاربة المتمثلة في التوظيف والمنافسة والنمو الاقتصادي، ويتفاوض للوصول إلى حلول وسط بشأن مطالب الدول الأعضاء الغنية المساهمة مساهمة صافية والدول الأعضاء الفقيرة المنتفعة منفعة صافية. بالنسبة لهابرماس، لم يتحدد حتى الآن إن كان الاتحاد الأوروبي قادرا على صياغة وتنفيذ سياسات قادرة على تصحيح أوضاع الأسواق بحيث يجعلها تتسق مع مثل العدالة الاجتماعية.
يقر هابرماس بأن السياسة الأوروبية، من منظور عام، ليست سوى امتداد، لا تحول، لسياسة المصلحة الذاتية القومية. إن المنافسة الإقليمية بين الدول القومية وما يلازمها من مشكلات تحدث مجددا على المستوى العابر للقوميات. وتتحدى أوروبا منافسيها الممثلين في الولايات المتحدة ودول الحزام الباسيفيكي والصين والهند الناشئتين اقتصاديا؛ ولذا، فهناك أسباب داعية للاعتقاد بأن أوروبا لن تستطيع أن تجد حلولا دائمة وشاملة للمشكلات السياسية والاجتماعية العالمية، وأنها في أفضل الظروف ستطرح حلولا مؤقتة أو جزئية. يعي هابرماس منطق الحجة التي يطرحها. إذا كان لنا أن نعثر على حلول سياسية دائمة وفاعلية للمشكلات العالمية، فلا بد أن نبحث عنها في نهاية المطاف على مستوى السياسات العالمية الكوزموبوليتانية. وإذا كان للمؤسسات السياسية فوق القومية أن تكبح جماح الأسواق العالمية، فلا بد أن تكون شمولية على النحو الصحيح. الغاية النهائية هي خلق سوق داخلية عالمية، وكيان سياسي يتمتع بالسلطة والنفوذ لتنظيم تلك السوق. الغاية النهائية هي خلق أمم متحدة سياسية لا تتمتع بسلطة صنع القرارات وحسب، بل وبتنفيذها أيضا. (4-2) عجز الشرعنة
المشكلة أن المؤسسات السياسية الأوروبية تعاني مما يعرف باسم «العجز الديمقراطي». يقول المتشككون في جدوى الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد السياسي لا يمكن أن يكلل بالنجاح؛ لأنه لا يوجد «شعب» أوروبي لتمثله المؤسسات. لا يوجد شيء ملموس - تاريخ أو لغة أو تقاليد أو عرق مشترك - يدعو لخلق أواصر الاندماج بين المواطنين؛ التي تعول عليها الديمقراطية.
ويعترف هابرماس بأنه لا يوجد «شعب» أوروبي، لكنه ينكر أن وجود شعب أو أمة أوروبية لديها تاريخ مشترك وتتحدر من أصول مشتركة؛ أساس ضروري للاندماج الاجتماعي. ويدفع بأنه من الصحيح أن فكرة المواطنة على أساس الوعي القومي المشترك لا يمكن مدها إلى ما يتجاوز حدود الأمة الواحدة. ولا يمكن حتى أن تمتد إلى هذا الحد. ولأسباب سبق بيانها أعلاه، فإن المفهوم العتيق للفكرة لم يعد ملائما للمجتمعات الحديثة المتعددة الثقافات. سرعان ما سيكتشف المشككون في جدوى الوحدة الأوروبية، الذين يرفضون مشروع الاندماج الأوروبي ويفضلون اللجوء إلى عزلتهم، أن أساسهم واه وسقفهم خر عليهم. المجتمعات الحديثة متعددة الثقافات ليست مجتمعات لشعب واحد؛ إنها مجتمعات شرعية من مواطنين. هذا المفهوم الدقيق للمواطنة الديمقراطية كعلاقة مجردة مقننة قانونا بين الغرباء يمكن أن يمتد بحيث يشمل سكان الدول الأجنبية. ولا يحاول هابرماس أن ينكر أن ثمة عيبا ديمقراطيا في الاتحاد الأوروبي:
بالتزامن مع نشأة منظمات جديدة بمنأى أكثر عن القاعدة السياسية، مثل بيروقراطية بروكسل، تتسع باستمرار الفجوة بين الإدارات الذاتية البرمجة والشبكات النظامية من ناحية، والعمليات الديمقراطية من ناحية أخرى. ««تضمين الآخر»، النسخة الإنجليزية»
لكن يزعم هابرماس أنه ما من سبب في الأساس يعلل ضرورة سد هذه الفجوة. فالمجتمعات الديمقراطية الحديثة متكاملة عبر نطاقات التواصل العام غير الرسمي والساحات المؤسسية للخطاب وصنع القرار.
ثمة مشكلة ملحة، لكنها ليست عصية على الحل بالضرورة، تتمثل في كيفية التشجيع على إقامة شبكة للخطاب والتواصل على اتساع أوروبا، وخلق مجتمع مدني أوروبي وثقافة سياسية أوروبية. يقول هابرماس:
نامعلوم صفحہ