ہابرماس مقدمہ قصیرہ
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
وفقا لهابرماس، لم يكن النزاع حول الأطروحة التاريخية، بل حول إساءة استخدام التاريخ الأكاديمي لتلبية غايات سياسية. لم تكن هذه الروايات التاريخية المنقحة استراتيجيا تطرح ادعاءات بصحة حقيقتها وحسب، بل كانت أيضا جزءا من محاولة واعية ومنظمة سياسيا ل «تطبيع» التاريخ الألماني، والتخلص من «الماضي الذي ما برح يلازمنا». ومن بين الغايات المتوسطة الأجل لهذه الحملة الرغبة في المساعدة في خلق هوية قومية ألمانية؛ ومن ثم تعزيز شعبية هيلموت كول داخليا. ولعل الغاية النهائية المتصورة كانت تمهيد الدرب السياسي لألمانيا الغربية كي تكف عن دفع تعويضات مالية إلى إسرائيل، وتشرع في لعب دور جيوسياسي من شأنه أن يعكس قوتها الاقتصادية. وحتى الآن، المفترض أن السبيل إلى «التطبيع» تعرقله عقبة كئود: معسكر اعتقال أوشفيتس. لقد وصمت الكارثة الأخلاقية التي وقعت بين عامي 1933-1945 الوعي القومي الألماني إلى الأبد.
استنادا إلى هذه الخلفية، يقول هابرماس إن خطة صناعة ماض تستطيع أن تفتخر به ألمانيا رجعية ولا طائل منها. والشكل الوحيد للوطنية الملائم سياسيا وأخلاقيا هو الذي يرتكز على المبادئ العالمية للدولة الدستورية:
بالنسبة لنا في الجمهورية الفدرالية، تعني الوطنية الدستورية، من بين معان أخرى، الفخر بحقيقة نجاحنا في القضاء على الفاشية إلى الأبد، وإقامة نظام سياسي عادل، وإرساء ذلك النظام في ثقافة سياسية ليبرالية إلى حد بعيد. «ثورة اللحاق بالركب»
من المهم أن نتذكر أن القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية فرضته عليها قوة محتلة أجنبية. ولم يكن تعبيرا عن تقليد السياسة الديمقراطية الألماني الأصيل. عندما وضع القانون الأساسي، كان دستورا ديمقراطيا مؤقتا يبحث عن مواطنين ديمقراطيين. ولكن، بحلول منتصف الثمانينيات، أمست ألمانيا الغربية واحدة من أكثر الديمقراطيات الأوروبية ازدهارا. وكان هذا، بحسب ظن هابرماس، إنجازا يستحق الفخر. وبقدر وافر من الحظ التاريخي والكثير من العمل الدءوب وانتهاج سياسة إعادة تعليم ناجحة، نمت لدى مواطني الجمهورية الفدرالية ثقافة سياسية وهوية سياسية استنادا إلى التزام تجاه الإجراءات والمبادئ الديمقراطية:
تتبلور الثقافة السياسية لدولة ما حول دستورها. وتطور كل ثقافة قومية تفسيرا مميزا لتلك المبادئ الدستورية ... كسيادة الشعب وحقوق الإنسان في ضوء تاريخها القومي الخاص. و«الوطنية الدستورية» القائمة على هذه التفسيرات يمكن أن تستحوذ على المكانة التي كانت تحتلها أصلا النزعة القومية. ««تضمين الآخر»، النسخة الإنجليزية»
في هذا التصور، نجد أن الهوية السياسية الألمانية تنطوي على مفارقة. فلأن ماضيهم القاسي كان يأبى إلا أن يكون حاضرا، اضطر الألمان الغربيون إلى اختلاق هوية سياسية تدور حول فلك «المحتوى العمومي للدولة الدستورية الديمقراطية»، والنأي عن أشكال أكثر سذاجة تاريخيا وأقل تأملا نقديا من الوطنية. وبإخلاصهم لتقاليدهم الألمانية الخاصة (وإن كانت شديدة التناقض)، اضطروا إلى التماهي بقدر أقل لا بقدر أكبر معها.
عندما شرع هابرماس في بداية الأمر في الدفاع عن فكرة الوطنية الدستورية في الثمانينيات، لم يكن قد بلور بالكامل أفكاره عن الحيثية السياسية للخطاب الأخلاقي. ومال إلى ضم المبادئ الديمقراطية مع المبادئ الأخلاقية. وكما أن الذات الأخلاقية ما بعد التقليدية ملتزمة، لا نحو القيم الجوهرية للمجتمع، بل تجاه الإجراء الذي يتم به ترسيخ المعايير الصحيحة، كذلك فإن الوطني الدستوري يتماهى مع الإجراءات الديمقراطية لا مع نتائج محددة بعينها. وكلاهما تنمو لديه هوية لامركزية ومجردة إلى الحد الذي تنطوي فيه الخلقية والديمقراطية على الإقرار بالجدارة المساوية للآخرين. علاوة على ذلك، يقول هابرماس إن المواطنين يتماهون مباشرة مع المبادئ الديمقراطية والأخلاقية العالمية.
في عمله اللاحق، غير هابرماس رأيه. فنراه يقول إنه لكي يضرب الدستور الديمقراطي بجذوره، يجب أن تدعمه ثقافة سياسية تلبي مجموعة مختلفة من الشروط؛ أولا: يجب أن يتسق والخلقية ما بعد التقليدية. وثانيا: يجب أن يكون له صدى لدى الفهم الأخلاقي لجميع المجموعات الثقافية في المجتمع السياسي. لا يمكن أن ترى الثقافة السياسية باعتبارها تعبيرا عن القيم الجوهرية والخاصة لثقافة الأغلبية. وأخيرا: فإن الثقافة السياسية بحاجة لأن تدعمها الحقوق الاجتماعية وحقوق الرفاهة لكي يستشعر المواطنون «القيمة المنصفة لحقوقهم»؛ أي أن يشعروا بفائدة مشاركتهم في الثقافة السياسية العامة. (3) توحيد ألمانيا
مثل التاسع من نوفمبر عام 1989 نقطة تحول في حياة الألمان جميعا؛ ففي ذلك اليوم سقط جدار برلين، وانهارت جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وحينئذ أعلن هابرماس عن بعض الملاحظات النقدية الهامة حول الطريقة التي تم بها تنفيذ الوحدة وتوقيتها والأساس المنطقي السياسي وراء طريقة وتوقيت التنفيذ.
توجهت انتقاداته في أول الأمر إلى المسألة الإجرائية المتعلقة بما إذا كان ينبغي إنجاز الوحدة على أساس المادة 23 من القانون الأساسي أم المادة 146. تنص المادة 146 على أن القانون الأساسي دستور مؤقت وليس نهائيا. وجاء في نصها أن: «يتوقف العمل بالقانون الأساسي يوم سريان دستور جديد يضعه الشعب الألماني بقرار حر.» وبموجب المادة 23 يسري القانون الأساسي على مناطق أخرى من ألمانيا. فهي تنص على آلية لمنح الولايات الجديدة حق الانضمام إلى الاتحاد الفدرالي. ولقد وضعت هذه المادة أساسا لولاية سارلاند على الحدود مع فرنسا.
نامعلوم صفحہ