49

Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

اصناف

«كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ الله أَبَدًا؛ فَوَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ» (رواه البخاري). وكان النبي ﵌ يبشر أصحابه بالرفعة والظهور على الأديِان وهم في أشد حالات الضعف، وأعداؤهم متسلطون عليهم فقد قال ﵌: «بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ» (صحيح رواه الإمام أحمد). إن الموازنة بين البشارة والنذارة من الحكمة في الدعوة التي أمر الله ﷿ بها ومن اتباع سنة سيد المرسلين ﵌ وفيه مراعاة لأحوال الناس ونفوسهم. وهنا يجب التنبيه إلى أمر، وهو أن بعض الناس يذكر في سياق الترهيب من جرم أو ذنب بعض آيات الوعيد، ثم يعقب في خطبته ببيان أن ذلك الوعيد ليس محمولًا على معناه المتبادر، وإنما لا بد له من تأويل مثال ذلك: قد يذكر الخطيب حديثَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (رواه البخاري ومسلم)، فيذكر قول السلف في معنى الحديث وأنه ليس الكفر المخرج من الملة، وهذا حق، ولكنه يُضْعِف أثر الحديث في النفوس، ولذلك لو فرق بين حال التعليم وحال الوعظ وأنه حين الوعظ تُذكر نصوص الوعيد كما جاءت، وأما في حالة التعليم وبيان الحكم فلا بد من البيان. ٢ - الموازنة بين المصالح والمفاسد: إن الخطيب بحاجة إلى فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد ومعرفة رتب المصالح والمفاسد حتى يوازن بين مصلحة كلامه وما قد يترتب عليه من المفاسد، وذلك أن قيام الشريعة إنما هو على جلب المصالح ودرء المفاسد.

1 / 51