260

Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons

دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ

اصناف

وقول الحق قدر أنملة، منصف فيما يقول ويدلي به، سواء كان الخصم غائبًا أو حاضرًا، يخشى الله في سره وعلنه، لا يهمه أمر البشر؛ لأن إيمانه وخوفه من الله يردعه عن الوقوع فيما حرم الله، فهو ينتصب للدفاع عن نفسه ودفع الظلم عنه بالكلمة الصادقة والقول الحق العدل السديد.
وما المرءُ إلا بإخوانِه كما يَقبِضُ الكفُّ بالمعصمِ
ولا خيرَ في الكفِّ مقطوعةً ولا خيرَ في الساعدِ الأجْذَمِ
• الإنسان لو حلف على ما فيه إفساد ذات البين فعليه أن يُكَفّر عن يمينه ويأت الذي هو خير:
قال تعالى: ﴿ولا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: ٢٢٤)
المعنى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها كقوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (النور: ٢٢).
قالت عائشة ﵂ - في أثناء حديثها عن حادثة الإفك ـ: «... فَأَنْزَلَ اللهُ ﷿ ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسِبُوهُ﴾ الْعَشْرَ الْآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ ـ: «وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ».
فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «بَلَى وَاللهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي»، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «وَاللهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا» (رواه البخاري).
فالاستمرار على اليمين آثَم (أي أكثر إثمًا) لصاحبها من الخروج منها بالتكفير كما روى البخاري عن النبي ﵌ قال: «وَاللهِ لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ

1 / 280