Guide for the Preacher to the Evidence of Sermons
دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ
اصناف
وقال تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ الأعراف:١٥٨).
ولا شك أن العمل الذي لا يكون على شريعة النبي ﵌ يكون باطلًا، لقول النبي ﵌: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». (رواه البخاري ومسلم). وقوله ﵌: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (رواه البخاري ومسلم).
الشرط الثالث: الثقة بالله تعالى واليقين بالإجابة:
فمِن أعظم الشروط لقبول الدعاء الثقة بالله تعالى، وأنه على كل شيء قدير، لأنه تعالى يقول للشيء كن فيكون، قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ (النحل:٤)، وقال سبحانه: ﴿إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (يس:٨٢)، ومما يزيد ثقة المسلم بربه تعالى أن يعلم أن جميع خزائن الخيرات والبركات عند الله تعالى، قال سبحانه: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ (الحجر:٢١).
وقال ﵌ في الحديث القدسي الذي رواه عن ربه ﵎: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ» (رواه مسلم).
وهذا يدل على كمال قدرته ﷾، وكمال ملكه، وأن ملكه وخزائنه لا تنفد ولا تنقص بالعطاء، ولو أعطى الأولين والآخرين: من الجن والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد، ولهذا قال ﵌: «إِنَّ يَمِينَ اللهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ» (رواه البخاري ومسلم). (سحَّاءُ: أي دائمة الصب تصب العطاء صبًّا، ولا ينقصها العطاء الدائم في الليل والنهار).
فالمسلم إذا علم ذلك فعليه أن يدعو الله وهو موقن بالإجابة، لما تقدم، ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» (حسن رواه الترمذي).
الشرط الرابع: حضور القلب والخشوع والرغبة فيما عند الله من الثواب والرهبة مما عنده من العقاب، فقد أثنى الله تعالى على زكريا وأهل بيته فقال تعالى:
﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُواْ لَنَا خَاشِعِينَ﴾ (الأنبياء:٨٩ - ٩٠).
فلا بد للمسلم في دعائه من أن يحضر قلبه، وهذا أعظم شروط قبول الدعاء، وقد جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» (حسن رواه الترمذي).
وقد أمر الله تعالى بحضور القلب والخشوع في الذكر والدعاء، فقال سبحانه: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ﴾ (الأعراف:٢٠٥).
الشرط الخامس: العزمُ والجَزم ُوالجِدُّ في الدعاء:
المسلم إذا سأل ربه فإنه يجزم ويعزم بالدعاء، ولهذا نهى ﵌ عن الاستثناء في الدعاء؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﵌ قَالَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لَا مُكْرِهُ لَهُ» (رواه البخاري).
وعَنْه ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﵌ قَالَ: «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ، وَلْيُعَظِّمْ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ» (رواه البخاري ومسلم).
قَالَ الْعُلَمَاء: عَزْم الْمَسْأَلَة الشِّدَّة فِي طَلَبهَا، وَالْجَزْم مِنْ غَيْر ضَعْف فِي الطَّلَب، وَلَا تَعْلِيق عَلَى مَشِيئَة وَنَحْوهَا، وَقِيلَ: هُوَ حُسْن الظَّنّ بِاللهِ تَعَالَى فِي الْإِجَابَة.
وَمَعْنَى الْحَدِيث: اِسْتِحْبَاب الْجَزْم فِي الطَّلَب، وَكَرَاهَة التَّعْلِيق عَلَى الْمَشِيئَة، قَالَ الْعُلَمَاء: سَبَب كَرَاهَته أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّق اِسْتِعْمَال الْمَشِيئَة إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ يَتَوَجَّه عَلَيْهِ الْإِكْرَاه، وَاللهُ تَعَالَى مُنَزَّه عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله ﵌ فِي آخِر الْحَدِيث: فَإِنَّهُ لَا
1 / 240