في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح خبيثة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها؛ فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة؛ إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون فلان؛ بأقبح أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له؛ فلا يفتح له "ثم قرأ رسول الله ﷺ ﴿لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ ١، فيقول الله ﷿: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا ثم قرأ: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ ٢، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسان، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه؛ لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه؛ لا أدري. فينادي مناد من السماء: أن كذب عبدي؛ فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار. فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت؛ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث. فيقول: رب لا تقم الساعة".
رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وابن حبان.
قال شارح الطحاوية: "وذهب إلى موجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث، وله شواهد في الصحيح".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "أما الحديث المذكور في قبض روح المؤمن وأنه يصعد بها إلى السماء التي فيها الله؛ فهذا حديث معروف جيد الإسناد، وقوله: (فيها الله)؛ بمنزلة قوله تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ
١ الأعراف: ٤٠.
٢ الحج: ٣١.