الثاني: ما أخرجه الترمذي عن أسماء بنت أبي بكر ﵂ أن امرأة سألت النبي ﷺ عن الثوب يصيبه الدم من الحيض فقال: النبي ﷺ: "حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء" قيد غسل الثوب بالماء فلا يجوز بغيره.
الجواب عنه: أن ذكر الماء لا يدل على نفي ما عداه فإن مفهوم اللقب ليس بحجة بالاتفاق وقد جاز الاستنجاء بغير الأحجار اتفاقًا مع التقييد بالأحجار في قوله ﷺ: "فليستنج بثلاثة أحجار" على أن ذكر الماء خرج مخرج الغالب لا مخرج الشرط والصفة، فإذا خرجت مخرج الغالب لا يقتضي النفي عما عداها كما في قوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ ١. فاسم الجنس أوفى.
الثالث: أن الثوب إذا تنجس يبقى نجسًا إلى وجود استعمال المطهر والمطهرية حكم شرعي فلا يعرف إلا منه ولم يرد في الشرع الأمر إلا بمطهرية الماء قال: تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ ٢. ولم يقل خلا طهورًا فظهر أنه لا يطهر الثوب إلا الماء.
فالجواب عنه: كما مر من أن ذكر الشيء لا يدل على نفي ما عداه وأن ذكر الماء خرج مخرج الغالب.
الرابع: أن في غسل النجاسة بالخل وماء الورد إضاعة المال وهو منهي عنه لقوله ﷺ: "نهى عن إضاعة المال".
الجواب عنه: إنما كان إضاعة لو استعمل بلا غرض وأي غرض أعظم من حصول الطهارة إذ لو لم نجوز إزالة النجاسة بالخل وماء الورد تلزم الصلاة مع النجاسة إذا لم يجد الماء ووجد الخل لأجل إضاعة خل قيمته فليس٣ على أنا نفرض المسألة: في موضع يكون فيه أعز بحيث تكون قيمة
_________
١ سورة النساء: الآية ٢٣.
٢ سورة الفرقان: الآية ٤٨.
٣ فليس: بضم الفاء، تصغير الفلس.
1 / 17