غرباء
فيصل
عد، فأنت المراد1
الملك عبد الله1
بشارة الخوري
خليل مطران
أنيس الأشقر1
وكان موردك السحاب1
لست وحدك بالشهيد1
إبراهيم اليازجي1
رسالة في الحب مأثورة1
فكان لبنان للعلياء لبنانا
تموز1
غير أن التراب ظل ترابا
محروم1
في رثاء خليل مطران
محمد
غرباء
فيصل
عد، فأنت المراد1
الملك عبد الله1
بشارة الخوري
خليل مطران
أنيس الأشقر1
وكان موردك السحاب1
لست وحدك بالشهيد1
إبراهيم اليازجي1
رسالة في الحب مأثورة1
فكان لبنان للعلياء لبنانا
تموز1
غير أن التراب ظل ترابا
محروم1
في رثاء خليل مطران
محمد
غرباء
غرباء
تأليف
صلاح لبكي
غرباء
أهلها نحن أهلها الغرباء
طال، أو لم يطل عليها الثواء
أي شيء يبقى إذا انقطع الصو
ت، ولو طاب ما يطيب الغناء؟
أي شيء يظل للغصن منها
يوم تنأى عن غصنها ورقاء؟
أي شيء متى تعرت من الحس
جسوم وأقفرت أحناء؟
يسقط الضوء للعيون فإن غا
مت وغابت فما يضيء الضياء
ألغصن ولا مغرد قد
ولضوء بعد العيون بهاء
ملكتنا وما ملكنا، ولو قا
مت لنا دولة بها غناء
نحن شيء بها كأشياء ماذا
تتولى من أمرها الأشياء
نحن شيء بها، وقد يصمد الشي
ء زمانا، ويصطفيه البقاء
كل أمجادها طيوف فلا ع
زك عز ولا الثراء ثراء
خذ إن اسطعت ذرة من شعاع
وليرافقك من جناك هباء
كذب، لا يبرد الفيء مثوا
ك متى غبت أو يغوثك ماء
وسواء، وأنت في الترب لا يه
نيك صيف، ولا يضير شتاء
ظللتك الظلال واكتنفتك الز
هر أو أمعنت بك الرمضاء
در در الجدود، ما هي هذي الر
مم المستكنة الخرساء
فتشي فتشي يدي وتقصي
أفغاض السنا وغاب الرواء
وابحثي، بعثري التراب، جدي لي
بارقا فيه ضل عنه الفناء
أين أسماؤهم سلي، كم تهادت
في دواجي نسياننا أسماء
رممي، بعض ما تبقى، وما لم
تتوغل في محوها البيداء
رحمت نفسها الرموس فأفنت
وتوارت ونتنها الأنضاء
ولو ان الرموس تبقى وتستب
قي لضاقت أرض وسد فضاء
أفحقا قد انتهى كل شيء
وتمادت في ليلها الظلماء
وتراخت سدوله مدلهما
ت فلا مفزع ولا ما افتداء
لا تصدق يا فكر، صوت نداء ال
أرض، ضلت وصوتها والنداء
لا تصدق، بلغت ما أنت فان
بفناء الدنيا ولا الحوباء
لا تصدق، عوفيت من ألم الشك
فأنت الهادي وفيك النجاء
وتعلم علم الفقيد تطب با
لا وآتاك طالع ورجاء
رجل كان ملء برديه عزم
في اعتدال وهمة ومضاء
من طمأنينة السهول سجايا
ه ومن رفعة الجبال الإباء
إن أريد الصديق كان صديقا
أو أريد السخاء فهو السخاء
ولنعم الحكيم تذعن في كل
ندي لرأيه الآراء
فقدتك البلاد يا عم، لا زح
لة من دونها ولا الأبناء
فقدت بانيا يهم فلا يل
بث أن يسبق البناء البناء
ليس ممن يخشى الصعاب ولو حل
ت وجل المراد والأعباء
فقدت مؤمنا بلبنان، بالإن
سان فيه لا يعتريه التواء
يلتقي عنده الخصوم على الخي
ر احتراما كأنهم سجراء
جمعتهم مع التباين تقوى
الله فيهم وألفت نعماء
أقسم العز لا يفارق بيتا
لك فيه الأحدوثة الخضراء
إن تناءى مزارك الجهم عنا
فدوان مآثر سمحاء
فيصل
أي حمد يفي، وأي دعاء
أعجز النطق محتب بالضياء؟
كل قول يعز قائله في
ك ويسمو به إلى العلياء
نعمة أن تجيء والشرق عطشا
ن فبلل بالروح لا بالماء
يملأ الطيب خاطري كلما أع
ملت فكري أصوغ فيك ثنائي
فكأني وأنت تمرع أحلا
مي أجزى بأكرم الآلاء
وليكفي بأن تسمى فلا يب
قى بهاء لغير ما أسماء
فيصل أنت، كنه يا فيصل العز
وكن غازي الهدى والإباء
ابن بنت النبي أنت فقرص الش
مس عرش ومفرق الجوزاء
عج بنا تنتش النفوس بنصري
ن لنا في العلا غداة اللقاء
نصرنا بالفكاك من ألم الأس
ر بعز استقلالنا البناء
وبأن نلتقيك دعوة خير
مستفيض من قدرة ووفاء
ولو ان الزمان عف فلم يق
ذف بأكبادنا إلى الرمضاء
وتأنى، فلم ييتم ولم يث
كل ولم يبتل القلوب بداء
ولو انا نستطيع نسيان ما حل
بأرض الأقداس من أرزاء
لغدونا من الحبور بعيدي
ن ومن يومنا بألف هناء
كيف ننسى وفي فلسطين عصف
للمنايا وصولة للقضاء
ويد اليأس تستبيح حنايا
ها وتجري الخمول في الأعضاء
لا مجيب إذا دعت غير رجع
كاذب من تناوح الأصداء
والمنادون حفنة في مهب ال
ريح تلهو بهم أكف الشقاء
تتولاهم النحوس وتبلي
ويصم الآذان صمت الفناء
صبحهم وجه ظلمة ليس فيه
بارق من تعلة وعزاء
فكأن الباقي لهم من حياة
حظ مضنى من ليلة ليلاء
وصمة أن تظل في الأسر أخت
أهلها الأقربون في الأحياء
أي سليل الموحد العرب وحد
هم وجنب مصارع الأهواء
سلمت هذه الفروع الزواهي
تستقي من مناهل الآباء
وحفيد المحرر الفكر مدع
و لتحرير سائر الأبناء
علم الناس كيف يفرض حر
عهد حرية وعهد إخاء
نحن أغنى نفوسنا طلب المو
ت انتصافا لحقنا بالبقاء
كم جسوم بلت حديد المواضي
معلنات ما قدرة الضعفاء
يوم قاد النضال يزجي الدواهي
نفر خلص من الأكفاء
يا رئيس البلاد، هذي بلاد
عرفت بالوفاء للخلصاء
فأبن للمليك ما يحسن الشع
ب إذا ما اطمأن للزعماء
لك يا فيصل القلوب وما يس
رح بين الغداء والخضراء
نظم الأرز فيك أجمل أبيا
ت تهادى على السنا والسناء
فاصغ للشامخات كيف تغني
واستمع للحنين في الأوداء
غمر الحب أرضنا فطأ الأر
ض برفق الطيوب والأنداء
عد، فأنت المراد1
أيها النازح المغرب مهلا
نحن أوفى عهدا وأقرب أهلا
كلما أمعن الحبيب اغترابا
أمعن الشوق في النفوس وأبلى
ما ترانا إلا كما نحن وجدا
لا سلونا ولا الحنين تولى
أيها النازح المغرب لم تب
رح قلوبا فلا برحت مطلا
أنت في كل ما يشيع من الحس
ن بلبناننا وما يتجلى
في ازدحام الأضواء تعصب صني
ن وفي روعة الظلام المدلى
في خرير الغدران في صخب الشط
آن في نغمة أعز وأحلى
أفننساك؟ كيف؟ والنبع لا ين
سى ولا النهر عن هواك تسلى
كيف؟ والدوح لا يصفق إلا
إن تسمى ولا يرقص ظلا
كيف؟ والزهر لا تبوح ولا تت
فق إلا كما على اسمك يتلى
فكأن الطيب الذي في الحنايا
لفتات إلى زمانك قبلا •••
من هو المرجف الذي أفسد الود
وأحيا الشكوك فيك وأملى
المريب الموثب الحقد والبغ
ضاء لم يفتأ الأذل الأذلا •••
عفو كفيك من تنكر للسم
ح السخي المخصب الأرض بذلا
من نفى سعيك الشجاع ومن أن
كر جدواك في العلا واستقلا
من تغاضي عن فضل معتنق الده
م ومستكبر على الدهر فضلا
أفتجزي مضناك صدا وإعرا
ضا بما غيره يسومك ذلا؟
نحن صنوا هوى وصنوا التياع
عاذلي فيك من أرابك عذلا
فدع اللوم والجفاء وعد لي
وخذ الروح واحتكم وتولا
عد فأنت المراد أنت، «ولا عا
شت يمين تريد قطعا وفصلا»
عد على الرحب، لن تضيق بأهلي
ها بلادي، ولن تشح محلا
والتي يسأل العفاة فتحمي
هم بنوها بما تكرم أولى
والحمى لن يكون إلا الحمى السم
ح ومنا محكم فيه عقلا
هزل الدهر، لا جننا مع الده
ر فأغنى من تعرفون وولى
تركوا المرتع الخصيب يبابا
والمغاني الخضراء قفرا ورملا
واستباحوا حق الضعيف وسدوا
دون سعي الساعين للرزق سبلا
قيدوا الشعب ويلهم! وأذاقو
ه ضروب الهوان صبرا وخلا
وأنابوا عنه المخانيث حتى
كاد أن يكره الحمى المستقلا
قل لمستكبر عنيد له السي
ف تواكل، فالحق أمضى وأعلى
الملك عبد الله1
أبى الله إلا أن تسود المكارم
وأن يعصم الدنيا من البطل عاصم
إذا ما رأيت الرأي ضاءت حناوس
أغضت مقادير ودانت عظائم
وكيف يرجي الناس غيرك ناصرا
وأنت ابن من صلت عليه العوالم
وأنت ابن من يهدي، وأنت من الهدى
هدى فل جيش الجهل والليل قائم
بشارة الخوري
لبنان، جدد آية للناس
واقدم لهم قبسا من الأقباس
علمتهم علم السماء فأدغلوا
من دون ما علمت بالأرجاس
وظننت أنك صنت قدر نفوسهم
فإذا النفوس رهينة الوسواس
طرداء هم لا يقر قرارهم
قلقون بين الشك والإيجاس
ضلوا الإله فكلهم متوهم
في نفسه ربا شديد الباس
واليأس يحترم القلوب بيأسه
فيقضب الأحلام حد الكاس
أخذوا بناحية الرياح، وأمعنوا
في الفتح من قدس إلى أقداس
فتكشفت لهم الذرى عن سرها
وانصاع مكنون الجماد القاسي
وإذا عصارة كل سعي خيبة
فمنائح، فمآتم، فمآسي
من ذا لأقوام مدى أفراحهم
يأس أقل على دروب الباس
فانهض ورد إلى الصواب قياسهم
أو ضل كل فتى صريع قياس
انهض، فقد آتاك ربك سيدا
متحدرا من سادة سواس
الرأي ما يبدي إذا طلب الحجى
أن يطمئن إلى ركين أساس
فاسأله يمحضك المشورة أنه ال
هادي إلى المشكاة والنبراس
كم محنة بك يا جبال أزاحها
وكريهة محبوكة الأمراس
هلا ذكرت غداة ليلك قاتم
عجز الأنيس به عن الإيناس
وبنوك أسلاب الشكوك أصابهم
خرس بما في الهول من إخراس
تلك الخطوب وقاك شر بلائها
ذاك الجريح بها، وذاك الآسي
في رفقة عهد الزمان وفاءهم
خلوا من الأخلاف والأنكاس
فإذا دعا داعي الجفاء أزاله
متفانيا، وكأنما هو ناسي
فتعلمي كيف السخاء، وعلمي
ما طاب من حلم وصدق مراس
يا ذا الرئيس، لقد عصمت قصائدي
وجعلتهن مغاني الإحساس
أنا ما مدحتك، غير أن شمائلا
أملت علي وجودت أنفاسي
لبنان، أدرك أن فضلك واحد
يزهى به أدبا وطيب غراس
الراسيات الشامخات جباله
لولا جلالك كن غير رواسي
فلأنت من يحمي الحمى ببصيرة
عزت على الحكماء والفراس
قد جددوا لك، فالرئاسة تزدهي
والمجد في لبنان عالي الراس
خليل مطران
رمتك بما تعد لنا الليالي
فهذا الشجو من ذاك الوصال
وما نبكيك ميتا، كل باق
تمنى أن يكونك في المآل
وقد كنت الضياء على زوال
فأمسيت الضياء بلا زوال
معلم كل أغنية حنينا
وهدي الورد في سبل الغوالي
لمن نصغي إذا اشتبهت ظنون
وقد سكت ابن ناصية المقال
أتيت الشعر، وهو على هزال
بأوطان سبقن إلى انحلال
فرحت تصوغ أشتات المعاني
ويعصيك الطموح من الضلال
وتبني، فالقصيدة بعلبك
وكانت قبل أبيات الحبال
لقد جاوزت أبكار الأواتي
على مهل وإبداع الأوالي
فلم يعجزك صعب في مجال
ولا أغواك سهل في مجال
كأن الحسن أسلم كل سر
إليك، فصرت موضوع السؤال •••
ذكرنا والبلاد على مقال
وأبناء البلاد على مقال
فما للحر عيش في مكان
ولا مثوى سوى الدكن الرمال
وللفحشاء تصهال طويل
وغرغرة وعصف في الجبال
وعقد الخلق منفرط سليب
ووجه الحق في كف المحال
ذكرنا من يقول فلا يحابي
ويجهر حين يجهر لا يبالي
وتجرحه المظالم أين حلت
بجار، أو بصحب، أو بآل
فما السلطان سلطانا مهيبا
وغير الحق براق العوالي
فديت، فأنت من لبنان إبن
ولبنان ابن وهاب المعالي
تمرد، كم تمرد فيه أهلي
على الخطية اللدن الطوال
وكم بذلوا، وكم عطشوا وجاعوا
وكم سفحوا الكرائم والغوالي
شهدناها شهادات ومتنا
هوى لا في النوال ولا المنال
إذا الحرية انتسبت نماها
ورد إليه ربك ذو الجلال
أطل من الوجود على الخوافي
ولملم جوهر الفرد المثال
وسل من الحروف جفون نور
فأيد كل مرتقب وخال
وهم إلى البحار فراض غمرا
ووسوس للجنوب وللشمال
فأشرعة بمفرق كل أفق
تهادى مر خاطرة ببال
وشطآن توزع من شذاها
على شتى العواطل والحوالي •••
نعى لبنان يوم نعيت عقلا
ترسل للحقيقة والجمال
نعى القلب الذي غمر البرايا
حنانا غير منقطع النوال
نعى الخلق الحصان نعى السجايا
نعى العذب المناقب والخلال
نعى الأوفى مواثيقا وعهدا
ولو كر الزمان بغير حال
1
نعى الآداب علما واحتشاما
وذاك الصوغ في ذاك الجلال
رسول حضارة عظمت وقامت
بغرب الأرض مترفة الخيال
يعرب من أطايبها المذاكي
فعرس النور من عرس الظلال •••
أيا جرحا بجنب الأرز رفقا
بجنب الطيب سيلك والطلال
وأنت بجنب مصر، وقد أصيبت
بما يدمي النفوس من النبال
مواطن كم رعت حرما وصانت
وأعلت قدر أحرار الرجال
ومصر متى شكت هطلت دموع
بمكة، وارتوت شعب الهلال
وحق لمصر أن تبكيك يا من
سموت من الشروق إلى الزوال
فمن أعلى بناء المجد فيها
كما أعليت رصفا باللآلي
ومن، أهلا وجيرانا، حباها
بما أسلفت من كرم الفعال
يداك، وما سئلت، يدا كريم
ورأيك نير العتمات غال
سخت فغدت حمى وسخوت حتى
لمجد النيل منفرد المثال
وعهدك للكنانة عهد حر
وقلبك عن بقاعك غير سال
ولا لبنان سال كيف يسلو
وأنت مرد أغنية الجبال
يحدث عن شبابك كل غصن
فتلتفت التلال إلى التلال
وتنساب الجداول حالمات
وتسكر من تذكرها الدوالي
ويشجي الطيب في حلم الصبابا
فما يتركن دمعا للدلال
ويذكر الصبابة كل لون
ترنح فوق هاتيك الأعالي
وشوق الأرض شوق مستفيض
إليك يضج في مهج الرمال •••
أخا الهمم الكبار سطعت فينا
أبا للعبقريات الصقال •••
لئن تكن المنية أجر فضل
فقد وفيت قسطك للمعالي
وحق لك الرقاد وأنت طفل
تخطي السابقين إلى الكمال
2
أنيس الأشقر1
نزل القضاء، فمن يرد ويدفع
ويجير من كيد المنون ويمنع
لو كان في المقدور إبعاد الردى
أبعدت وحدك ما نهاب ونفزع
الموت قيد الناس ليس بخالد
من لا يباليه، ولا من يجزع
لكن منقلب النسور متى هوت
أدهى وأوقع في النفوس وأروع
والعاصفات الهوج أبلغ رهبة
إما تدك الراسيات وأفجع
أو يوم تجتاح الشموس وتستبي
وتشد ناصية النجوم وتقلع
يا صبح متى طلعت؟ وإنما
أخفتك في الظلمات عني الأدمع
أعرفت من أودى غداتك؟ ليت من
أودى أقام ووجهك المتقنع
للرأي كان وللمشورة والنهى
أدرى، وآنس من نحب وألمع
يا شيخ، غير مجاوز عهد الصبا
يبكي عليك من الشباب الممرع
ماذا أفادك أن جاهك معلم
وحماك مقصود، وجارك ممنع
والناس حولك: مخلص لك، صادق
في وده، ومؤمل بك مولع
يتزاحمون على رضاك فواثق
متأدب ومعفر متصنع
يبكون فيك يدا وأبكي مهجة
ويكفكفون ولي عليك تفجع
شرفا بلغت ذرى المكارم يافعا
وجمعت أنى شئت ما لا يجمع
نسب على شم الجبال مهاده
وتكسب من كل فضل مجمع
ماذا أفادك غير أنك شاخص
بين الضلوع، وأن رزءك موجع
نم إن محمود الخلال ولو ثوى
يبقى بقاء المكرمات ويطلع
وكان موردك السحاب1
مصابك إن سألتك ما المصاب؟
نواح الناس والصمت الصواب
ونحن معاشر الشعراء نحيا
ونغبط يوم يغمرنا التراب
ويهدأ خافق ما حن إلا
وكان وراء ما علق العذاب
بكت بدموعنا الدنيا وناحت
مولهة، وما انقطعت وصاب
إذا سجع الحمام شكت قواف
وأجهش تحت أنملنا الرباب
جراح الناس في المهجات منا
إذا سهم أصابهم نصاب
نجوع لجوعهم أبد الليالي
ونعطش والغمام لنا شراب
فلا النعم الكبار لنا طلاب
من الدنيا ولا الجاه الطلاب
ونحن كما يضوع الزهر نعطي
عطاء ليس يحفزه الثواب
وكالينبوع إرواء وخصبا
إلى أن يستقل به العباب •••
أخا الأسحار وارتك المنايا
وأخفى طلعة العمر الضباب
وكيف يموت من يجري حديثا
تضج به الأباطح والعقاب
على الوتر الحبيب يرق لحنا
ويطلعه متى طلع الملاب
كأنك ما رحلت إلى بعيد
ولا واراك في الجدث الصحاب
بقيت أغانيا وبقيت طيبا
تردده المفاوز والهضاب
ولولا شوق أعيننا لبتنا
نكذب أن يكون الإغتراب
ونحسبك المقيم، وقد ذهبنا
مكانك يوم روعنا الذهاب •••
بحسبك أن قبرك في صعيد
حواه السهل واحتضنت شعاب
فيا طيب الرقاد بأرض قوم
وقد طابت سرائرهم وطابوا
بنوا للعلم حتى صار منهم
وبعض العز للعلم انتساب
وما لهفي عليك تركت دنيا
من الآمال، فالدنيا كذاب
ولكن الأماني مثخنات
سبايا تحت أعيننا نهاب
وكونك مرسلا بكتاب خير
إلى أهلي، وما قرئ الكتاب
وأنك في سماء الشعر وعد
تناوله وأنزله الغياب
وفي لبنان يجزع كل قلب
إذا يستوحش الأدب العراب
وزحل إذ تضام فقد نماها
إلى ذرواته نسب قراب
يعلم باسمها الأمصار شيب
ويحمل فخر من أهدت شباب
دها الآداب أنك كنت صرحا
بهيكلها تعج به الركاب
فقوض ركنه العالي قضاء
وأوصد في دروب الحق باب
سقتك الغاديات، وأي فضل،
ظمئت وكان موردك السحاب
لست وحدك بالشهيد1
مسهد أمة وغد شرود
وحقك لست وحدك بالشهيد
لكم أمل طواه الموت غضا
وأحلام بأعمار الورود
وكم مستشهد منا صريع
على ناب الأسى ويد الجمود
جراحك في حنايانا جراح
ومضجعنا مقامك في الصعيد
لأنت ولو نزحت نداء حر
مهيب بالسهول وبالجرود
وأنت نأيت لا تشقى لحي
ونشقى للقريب وللبعيد
تعز بك الحياة وندعيها
ويدفعك الخلود إلى الخلود
لموتك في أضالعنا دوي
وعصف مستبد في الكبود
فما ندري أيحيا الموت فينا
ونورده المنى قبل الورود
أم انا نحن من نرد المنايا
وتصدرنا إلى عيش كئود
كأنك ما نزحت ولا عرفنا
بنات الدهر من بيض وسود
شهدت لجارة الأقداس لما
لبست ملاءة البطل النجيد
أبى الطغيان إلا أن يراها
ممزقة موزعة الحدود
وإلا أن تطوحها الرزايا
وأن تسبى وترسف بالقيود
وأن تمسي مكبلة وترمى
مكبلة لمقتنص صيود
ولم تردعه أقداس نماها
سخاء الله من كرم وجود
فيا لك من مولهة تجازي
على الإحسان بالعمق الكنود
تعلم رحمة، وتسام خسفا
وتحلم والأنام على جحود
لنا الحق الصراح، أكل حق
أواصره من الطعن السديد؟!
بني أمي فدونكم رحاها
ولا تبقوا على بغي ولود
أنسكر بالوعود إذا وعدنا
ونضرب حين نضرب بالوعيد
ونجلو كل ليل مدلهم
بإرنان إلى المجد التليد
كأن المجد يطلب بالتغني
وبالإكثار من ذكر الجدود
أعدتكم لدى البلوى دموع
وذخركم النواح على اللحود
لأن تغنوا أبر وأن تواروا
أعز من التردد والقعود
ومن رضى المقام على هوان
أحق به الفناء من الوجود
وكيف نطيق دفع الضيم أما
يهم بنا ونحن على حدود
أخي في الرافدين وفي البوادي
عدو أخي بجلق والصعيد
قبائل في النضال، فكيف نرجو ان
عتاقا من يد القدر العنيد
وليس غريمكم وغدا غريبا
ولا ذاك العتي من اليهود
أعاديكم حماتكم الدواهي
وكل مجلجل في السلم سيد
يفرق في الخفاء ولا يبالي
ويبدي غيرة البطل النجيد
كأن الأرض إرث عن جدود
وهذا الشعب سرب من عبيد
ولو عادت فلسطين لباعوا
وأهدوا ما تيسر من جديد
فيا شعبا سليبا، كيف تبلى
بما تبلى، وتقبل بالرقود؟!
أتصبر مستزيدا بعد صبر
وليس وراء صبرك من مزيد؟!
فجرد نقمة الأحرار سيفا
وألهب ما بصدرك من وقود
ولا تترك لباغ مستبد
مجالات إلى أجل بليد
أدل تلك الرءوس كما أدالت
وأهلك باللهيب وبالحديد
إذا سفك الحياء فأي نفع
لما يجري وينبض في الوريد؟
وعد أنت الزعيم، فأنت أولى
بنفسك من أخي صلف حقود
تحد الموت واعتصر الليالي
بجرأة مؤمن ويدي مريد
يلب المجد من أقصى معد
ويهف العز خفاق البنود
صريع الغدر لا توحشك دار
تباعد بيدها في إثر بيد
يطل بك الربيع، فأنت منه
مكان الطيب من مهج الورود
إبراهيم اليازجي1
حييت مطلعة الأشاوس
من كل ذي قبس وقابس
حييت مهد الخصب في ال
شطآن والدنيا بسابس
حييت شيما يا سماء ال
فكر يدرك بالملامس
شح الزمان فجدت جو
دك بالنفوس وبالنفائس
ما في فضائك من غما
م سابح إلا الرواجس
شح الزمان، وأظلمت
جنباته، وطغت حنادس
وبقيت في لبنان يو
ما معلما بالعز شامس
شيما ننافس فيك تا
ريخ الدهور فمن ينافس
رب البيان إذا عجز
ت فمن يفي السمح القدامس
عفوا، فما أنا غير صد
اح بما غردت نابس
عذري هوى ملك الخيا
ل فلا أرد ولا أماكس
ولعل إن أرسلت شع
ري فيك أنزله الروائس
وإذا سكت فمن يغ
نيك المفوفة الموائس
من يسترق لك المدا
ئح من معانيك العرائس •••
قربت مواردك العذا
ب فأخصبت ما كان يابس
وهديت يا نار القرى
وأنرت معتكر الدوامس
وأعدت للفكر انطلا
قا بعدما عرف المحابس
ونهضت بالفصحى، وقد
كادت تزول من المجالس
وتضيع في نبرات عث
مان وفي ألفاظ فارس
أطلعتها قرشية
وكسوتها قشب الملابس
وأقمت من لبنان حا
رسها فكان المجد حارس
شمخت معاطسها، وقد
هانت بواديها المعاطس
سلست حواشيها وطا
ب أنينها وزهت مغارس
رحبت بأبكار الظنو
ن وما يدق من الهواجس
فغدت لطائفها اللطا
ئف للأصيل وللممارس •••
رب البيان، بلى، ورأ
س الجازرين عن الخسائس
كم ذا دعوت إلى الإخا
ء وكنت أسبق من يمارس
إنا قبسنا العلم عن
ك ولم نصب خلق الفوارس
انظر تجد دنيا تمو
ر بكل محتقر مخالس
طوي الوفاء، فلا خدي
ن ولا نجي، ولا مؤانس
يا شيخ، أرهف لي السما
ع أقل لك الحق المآيس
بلغت بنا الدنيا العلا
ورعت مفاخرنا الطوامس
وسخت، فلم نحفل من ال
أمجاد إلا بالأطالس
بالغيد تبذل ما يصا
ن وبالجآزر والنواعس
حتى لقد كاد الطري
ف يعود أطلالا دوارس
من ذا يسوس القوم إن
لم تصطف الأخلاق سائس
يا شيخ، أحسنا الكلا
م ولم نطق خلق الفوارس
رسالة في الحب مأثورة1
لا أنت أزمعت، ولا الفكر مات
خلعت عمرا، واكتسيت الحياة
يخلد الناس بأرواحهم
وأنت بالروح وبالذكريات
أكرم به بالخلق من صين
والمثل المحكي والمكرمات
بالأدب الموسوم لا تأتلي
تسترجع الأقوام فيه الرواة
بتلكم الرقة حتى إذا
تمرد الدهر استحالت قناة
بالبشر، يوم الأفق محلولك
والصبر في الجلى وطول الأناة
دينك دين الحق أنى بدا
تقول ها قلبي، فيا حق هات
ما كنت عبدا لتقاليدها
ولا تطلعت إلى الهينات
أقرب ما يغري شعاع سرى
ولم يصل بعد إلى الكائنات
كحل عيني بألوانه
وبثني أطيابه المغريات
وأمة طارت بها ليلها
بأجنح الصقر وعزم البزاة
فاستبدلوا العالم من عالم
تناثرت أوهامه الباليات
المرء صنو المرء في ظله
لا شهوة تطغى ولا من طغاة
ذكرت فين الفارس المغتدي
والصارم الفيصل في المعمعات
يمضي إلى الغاية من أمره
ويركب الهول إلى الباديات
والدعوة الكبرى إلى أهلها
تطلب العلم وجمع الشتات
رسالة في الحب مأثورة
لبنان أمضاها وبث الهداة
فيا لأرض كل أحلامها
هياكل عابقة بالصلاة
وكل صوت نغم عاشق
ضوضاؤها والبث والهسهسات •••
لأنت هذا الجبل المعتلي
الشامخ الظاهر في الشامخات
تغفو الأماني فوق أكتافه
وتسمر الأقمار والنيرات
وتنجلي في لفتة المنحنى
أسطورة ترتاح في الوشوشات
فكل غصن خبر سائر
عنها، ورجع مورق الأغنيات
وكل نبع قصة عن هوى
يسكر بالجود وبالتضحيات
تلك الأعاصير وتصخابها
مذلة الأغمار والراسيات
أتته بالويل فألقى بها
مدحورة تملأ رحب الفلاة •••
أعظم بما خلفت من قدوة!
أنعم بما أورثت من محمدات!
أنقذك الحب وأدناك من
ربك في أجوائه المشرقات
فكان لبنان للعلياء لبنانا
مسارح الطيب منك الطيب هل كانا
إلا شبابا وأحلاما وإيمانا
أيام نغرف من واديك ما وسعت
صدورنا، وارتوت بردا وريحانا
أيام يهدي الخيال الطلق في كبر
للضوء ضوءا، وللألوان ألوانا
يكسو الصباح صباحا من تالقه
ويترك الليل بالآمال نشوانا
مسارح الطيب قولي عن مطامحنا
ما تعرفين وخلي النسر خجلانا
كم أطلعت حلما في الشرق مرتقبا
ووطدت لصروح المجد أركانا!
وكم رفعنا قبابا لا انتهاء لها
فكان لبنان للعلياء لبنانا!
تلك الخمائل في واديك عابقة
بكل ما كان، فلتسمح بما كانا
تفرق الشمل حتى لا يطالعنا
من عهدك النضر إلا شجو ذكرانا
يا سائلي، أإجلالا الذي نصب
تستنطقاني، أم شوقا وتحنانا
هل انقضى من تناهى رحمة وتقى
ومن توزع في الآفاق إحسانا
لا يا معلمنا، ما غبت، أنت بنا
حي تكذب أشجانا وحدثانا
قد كنت نعم أب فينا ولست أبا
لا خنت أهلا ولا هونت خلانا
كنا وكانوا كما تبغي سواسية
كالجوهر الفرد أمثالا وأقرانا
ولو رأوا بعيون الحب لانتظمت
تلك العقود، وظل الود رضوانا •••
أتيت تحمل نبراسا إلى بلد
ضاءت نباريسه في الأرض أزمانا
هل الحضارات إلا بعض ما نفح ال
دنيا اعتزاما وآمالا وعمرانا
بنى البناء فأعلى من حجارته
وخصب الفكر تجريدا وبنيانا
لولا هداه لما كان الوجود كما
كان الوجود، ولا الإنسان إنسانا
وأظلمت مشرقات من مطارحنا
وأفلت الدهر حتى كاد يعصانا
فرحت توصل ما انبتت أواصره
وتطلع النور في آفاق دنيانا
رسالة من هوى سمح ومن خلق
تشد فيها إلى الشطآن شطآنا
فانظر تجد لجبا ممن نميتهم
جاءوا إليك زرافات ووحدانا
أهل الوفاء، ومن منهم إذا عرض ال
وفاء، لا يبذل المأمول جذلانا
ماذا أقول؟ أتى لبنان في عرس
يزجي على البر والمعروف برهانا
أتى الرئيس، فما الأمجاد تحرزها
إن لم يكن قدره إياك فرقانا
توحدت عندك الأهواء وانتبهت
مكارم كن أشتاتا وقطعانا •••
ذكرت عهدك والدنيا مواتية
أنى مشينا إليها الدهر ماشانا
ولي أب تركت منه شمائله
للمكرمات وللأخلاق عنوانا
فكنت في العز من تغني مشورته
ومن ينزه أرواحا وأذهانا
وكنت ذاك المواسي يوم طاح بنا
غدر الزمان وولى السعد شنآنا
ذكرت فيك أديبا رق ميسمه
وشاعرا ترف الإحساس ملآنا
ذكرت حزم أنيس من بداهته
ورأفة تغمر العافي، ولو هانا
فيا معلم، ليت الدر من أدبي
أصوغه فيك تمثالا وتيجانا
وما تمنيت شيئا لست نائله
لأنت أرفع مما أشتهي شانا
جزاك ربك بالإحسان ما وسعت
سماء ربك، فاملأ قلبك الآنا
تموز1
ماذا جنيت من الشباب
حاشا التمرس بالعذاب
بله القصور على الغما
ئم والمنائر للضباب
نم بين أحلام صبا
ح في عوالمك الرحاب
فالمشفقون من النوى
متمردون على الصواب
ما مت أنت، ولا نزح
ت ولا عزمت على اغتراب
أيموت من نثر الفؤا
د ندى على حرق الوصاب
وأسر للينبوع كي
ف يبث أشواق الهضاب
أيموت إلف هوى وغو
ث رسالة وأخو كتاب
وربيب إيمان؟ تجل
ى الموت بالحلل الكذاب
الحي أنت، ولو دهت
عينيك داهية الغياب
حي مع الأشواق والآ
مال في صدر الشباب
الثائرين على الغمو
ض وكل منسدل حجاب
السائلين عن العلى
الظامئين إلى جواب •••
تتساءل الأنغام إث
رك عن حنين مستطاب
ويوله الأوراد وأ
د الطيب في مهج الروابي
ماذا تقول غدا إذا
سأل الربيع عن الملاب؟ •••
بالله يا تموز عش
في اللون أغنية الخضاب
كن في السفوح جدى السفو
ح وفي الشعاب سنى الشعاب
تموز غط الأفق أش
رعة وأفناء العباب
واملأ غد الدنيا وزي
ن بالأساطير العذاب
عج بالشقائق، وانطلق
في النهر عيدا للمآب
فلكم أخ مترقب
أضناه جهد الإرتقاب
ولكم حبيب عاتب
وموله حلو العتاب
ورفيق إيمان يرو
ح ويغتدي نضو ارتياب
سيان فيك الأبعدو
ن وكل ذي نسب قراب
من للصحاب بمثل حد
بك أو بمثلك في الصحاب
يا راقدا، طمع الكرى
أعليت من شأن التراب
تموز، يا تموز، يا
تموز، حيلك للثواب
غير أن التراب ظل ترابا
حدثاني إن كنتما تعلمان
أصحا الكون أيها السائلان
حدثاني، أثاب من فلوات الت
يه عقل الإنسان للإنسان
حدثاني، وأملاني، فقد كا
د يضيع الوطيد من إيماني •••
أخذ الله حفنة من تراب
وحباها بمنطق وبيان
جعل الكائنات طوع يديها
وقياد الطوارق الحدثان
إن تشأ ينصع الجماد، وإن تأ
مر يقم في ركابها القمران
غير أن التراب ظل ترابا
من هوان مسيره لهوان
زعزع الأرض بعد أن رفع الفك
ر بناء موطد الأركان
فإذا بالحمام يعصف، والبن
يان يهوي تحت اللظى والدخان
وإذا الفكر سيد الكون مسخ
واهن العزم كاذب اللمعان
ما له، ويحه! وقد طغت الأه
واء في دفع ما يهاب يدان •••
يا أبا الخير، ساء ظني بالنا
س أراهم والشر رأس عيان
يخطبون العلا وهم غرباء
وتصافيك دونهم وتداني
أنت كالدرة اليتيمة لا تد
خل أناسا سواك بالحسبان
جبت ما جبت من دنى ترد العل
م، وتبني للبر والإحسان
طيب القول والعبارة والفه
م أصيل التفكير حلو المعاني •••
والذي دأبه التبصر والنق
ب على العلم كان نعم الباني
يصل الفكر ناهدا من ربى لب
نان بالفكر في سما اليونان
هذه آية الكمال، فأكرم
بسبيل الأورب من لبنان!
بلد أطلع الحضارات سمحا
ء، وشد الشطآن بالشطآن
قال بالسعي قوله، فإذا البي
د عمار ونضرة ومغاني
وتهادى الشراع يستضحك اليم
ويسري على هدى الرحمن
يا أخا الفضل والمحامد، لولا
ك وقوم من الكرام الهجان
عقدوا رأيهم على الخير حتى
هو منهم في ألف جزر مصان
لظننا الرجاء وجه مريب
وحسبنا الحياة فعلة جان •••
أنت للناس بعد ربك، فلين
عم بك الناس منهلا للحنان
كلما ألحف الشقاء عليهم
رحت تشقى شقاءهم وتعاني
طي أحشائهم جراحك، والآ
لام والدمع في عيون المهان •••
إن يشح الزمان، أو يخفر العه
د ويجفو، فأنت فضل الزمان
محروم1
أخا الأقلام والشطب
وموئل كل ذي أدب
لأنك يوم تشتد الر
زايا مفزع العرب
فتاهم بالمحبة أن
ت لا بالجاه والحسب
ورايتهم إذا شدوا
على باغ ومغتصب
يفدونك بالدنيا
بكل أخ وكل أب •••
حببتك قبل أن ألقا
ك محمولا على طربي
وما لي مأرب إلا
لقاك، وجل ما طربي
فأنت معول الأفها
م يوم الشك والريب
حببتك نغمة عذبت
على ثغر الهوى الرطب
وعقلا هانئ اللفتا
ت مهما كان من صخب •••
وها أنا منذ ما أنا في
ذمام فنائك الرحب
تنقل بي السجايا الغر
من عجب إلى عجب
فما أعجب عن بعد
وأدهش فكر مرتقب
يقل بجنب ما يبدو
لراء دونما حجب
وليس الورد للوار
د من بعد كمن كثب •••
أمحروم! فدتك الرو
ح ما الحرمان للشهب
تعالت لا تنال، ولو
بظن طوارق الكرب
لها الدنيا تدور بها
فمن فلك إلى قطب
وما في الأرض من زهر
وما في اليم من عبب
وما يسرح في الأجوا
ء من لون ومن لهب
أهذا البعد ما يشقي
ك خلف مطارح السحب
وإشراق على الآفا
ق لم تبرح، ولم تغب
فديتك، هل بطبع الضو
ء شيئا غير منسكب؟
ويسأل عن رفاء النا
ر فيه لبثه الأرب
وعما تستطيب الزه
ر من سلساله الخصب
وهل يجفو إذا جحدت
فيلفى غير منسرب
أهالك أن يبثك من
يبثك حب مكتنب؟
حببتك شاعرا غردا
أتى الدنيا بلا أرب
يولهه الجمال الطل
ق في الأحداق والشنب
وفي الأغصان في الأورا
ق والأوداء والهضب
يهل على الضياء سنى
ويعجز خمرة العنب
وإنسانا أخا للنا
س في همم وفي وصب
يكفكف دمع منتحب
ويثلج صدر مكتئب
كأن جراحهم تدمي
ه ما عصيت ولم تطب •••
فكن من أنت، حسبك ذا
ك من غر ومن نسب
نعلك ما يثوب إذا
وفاء الناس لم يثب
في رثاء خليل مطران
أفكر، وتمحوه يد الحدثان
فمن خالد في العالمين وفان
هو الوهم، حتى قارب الحق ضده
وكادا على الأفهام يشتبهان
وأقوالهم في الشمس غابت، وأشرقت
أحاديث غي فهي في دوران
ولكن شوق العين يترك حسرة
فينحب مكروب، ويدمع حان
أقل علينا اللوم إن كنت لائما
فليست رؤى الأفهام رأي عيان
ونحن من الدنيا يولهنا النوى
وننظر للأخرى بقلب جبان
ونجزع والإيمان ثبت بأهله
وليس لنا فيما نحس يدان
فيا أيها المستنطق الغيب، ما ترى
شهدت؟ وهل غيب هنالك ثان؟
وهل أبصرت عيناك ما كنت تشتهي
على اللون خلف اللون من لمعان
هل الصوت أنغام؟ هل الظل رحمة؟
هل الطيب قلب دائم الخفقان؟
وهل هوت الأستار، وانجاب مظلم؟
مداه المدى، وانفك عقد ثوان
أم انك ما زلت المنقب في الدجى
عن الصبح؟ والإصباح ليس بدان
يطالعك الحد الذي لا يزيله اج
تهاد، ولا يبليه وقع سنان •••
حببناك لما راجع الشعر أهله
وناء بألفاظ وهزل زمان
ذكرناك خلاقا أتى الحسن بابه
يسائل عن أترابه ويداني
تحمل أشتات الكلام لطائفا
يحار بهن الفكر غير مهان
وتهدي اللآلي خردا ونظيمة
وترسلها للسبق يوم رهان
وهل كنت إلا ساحرا وابن ساحر
وذا نسب في الساحرين هجان
ومن تك أرض الشمس أرض جدوده
تك الشمس من معناه لطف بيان
رفعت، وأحكمت القصائد، وانتمى
إليها يجر التيه خير لسان
فظنت مبانيها دنى في بعلبك
بناها، وأعلى صرحها الثقلان
وكم أثر للغرب سيرته لنا
قريشي ألفاظ إليك روان
بفضلك عاد الطيب أذكى، وأمرعت
خمائلنا بانا ونفحة بان
وأضحى صفاء الضوء أصفى لناظر
وكاد نقيضا العمر يجتمعان
وصار بنو الإنسان أدنى قرابة
وأوفى زماما بعد طول حران •••
ربيب الحجى كم إثر رزئك، واله
بلبنان يروي خده عكفان
يفديك عزا للمقيم وموئلا
لصاف غريب يجتديك وجان
ومستنفر الأحرار في كل أمة
بأرجاء نيل، أو شعاب عمان
تحس الجراحات التي تبتليهم
وتبني لهم، والحب أصدق بان
وما كنت إلا ابنا للبنان حاملا
رسالة إشراق وعهد أمان
ويا رب حسن بات بعدك موجعا
ويا رب أحلام، ورب مغاني
كأنك يتمت الجمال، فلم يعد
لساني لصوغ القول فيك لساني
أيهنيك أنا في البلية واجد
وشاك طويل الليل بعدك عان؟
فنم آمنا، نم أنت قدوة مقتد
وقبلة مرجو الكمال حصان
جزاك الذي يعطي ويأخذ وحده
فما شأن قولي في نهاك وشاني
محمد
أرسل سلامك في الأنام محمد
عظمت مآثمهم، وعز المرشد
عادوا كأنك لم تكن نور الهدى
للعالمين، ولم يحن لك موعد
وغدوا وروح الجاهلية روحهم
في كل أرض يزدهي ويعربد
الجاهلية بعض جهل زمانهم
والكفر بعض خلاقة المتوطد
جحدوا جلال الناصري، وإنه
من أنعم الله التي لا تجحد
وتوغلوا في الغي، حتى أرجفوا
فيما وعدت به، وفيما تقصد •••
نصبوا من العقل الضرير منائرا
جعلوه ربا يستثاب ويعبد
فهم لأنفسهم هياكل ردة
هوجاء، تصدر للشقاء وتورد
فاللات ما حسبوا، وعزى ما بغوا
الله أكبر، أين فأسك تحصد •••
الله من ليل تفرد حسه
وقف الزمان به ورد الفرقد
دنت السماء كأن سر وجودها
في الأرض همت تجتليه وترصد
وتنادت الأضواء لم يحلم بها
أصفى وهام، فلا يشام الإثمد
وتساءلت عما بها الأشياء وان
تبهت وأمرع حسها المتجمد
وسرى الحبور، فليس غير حشاشة
ترجو وتغرق في البهاء وتحمد
غلبت نواميس الطبيعة، واغتدت
طوع المهيب بها تقوم وتقعد
ماذا؟ أمن عجب؟ وهذا ليله
هذا المخاض به، وهذا المولد
والطفل كف في التراب تسومه
خسفا، وعين في الجواء تصعد
والكون يهتف بالوليد، ويزدهي
ويطيب أعراقا به، ويمجد •••
يا مرسلا، ما أنت غير محبة
وعبارة لمحبة لا تنفد
هذا الكتاب وكل قول قوله
فيه، وهذاك البيان المفرد
من كان يحفظه، ويتلو آية
لولاك أو يشدو به ويجود
أنا إن غلوت تشاوفا بك فاتئد
ما أنت دياني، ولا أنا ملحد
أدركت جوهر وحدة فتنزهت
وصفت، وأشرق سرها المتوقد
وبثثتها في الناس منحة خالق
تهديهم وتعزهم وتخلد
وعلى اسمها اجتمعت قبائل أمة
عقدت خناصرها عليك وتعقد
كانت، وهل كانت؟ وجئت فأصبحت
سمع الزمان بها يضج ويرعد
ولو انها سمعت نداءك كله
لاستعربت آزاله والسرمد •••
وحدت حتى كل أهل برية
بالله إخوان وبالتقوى يد
وحدت، فالإنسان كنه واحد
وأنا، وكوني عيسويا، أشهد
وشرعت، حتى ليس بعد شريعة
إلا وأنت معينها والمورد
وأقمت دولتهم لها سعة المدى
في الأرض يرحب ما يضيق ويبعد
هي دولة حبك السماء نظامها
أمن الضعيف بها ولان السيد
شرع لديها الناس لا مستكبر
عات، ولا متحكمون وأعبد
والحب يستقضي العلائق بينهم
لا صارم صافي الحسام مهند •••
إنا لنذكر، والبلاء مخيم
في جيرة الأقصى يصول ويوعد
والحقد تعتور التراب سمومه
فيجف عرق الخصب فيه ويجمد
والأرض نهب الناهبين، تود لو
عدم يلم بها وينساها غد
والموت تعصف بالنفوس أكفه
وتذل آمال الرجال وتخمد
لهفي وما لهفي! وتلك جموعهم
موتى من الأحياء لما يلحدوا
نثروا على حد السيوف ومن نجوا
نهشوا بأنياب الشقاء وشردوا
يستصرخون الكون، وهو مظالم
ويد مضرجة وعقل موصد
سيان في البلوى هناك وفي الأسى
لا اسم المسيح ولا اسم أحمد ينجد
يا مرسلا طيرا أبابيل، انتصف
للخير، كاد أجل شأنك يفقد
أين الحجارة تلك؟ إن سيولها ال
هطلات تعمي من تصيب وتقعد
أرسل، فمن لم يهده النور العلي
أشفاه منهمرا عليه الجلمد •••
أرسل سلامك في الأنام محمد
عظمت مآثمهم، وعز المرشد
نامعلوم صفحہ