غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
79

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

تصوف
كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنْ النَّظَرِ ... وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ كَمْ نَظْرَةً فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا ... فَتْكَ السِّهَامِ بِلَا قَوْسٍ وَلَا وَتَرِ وَالْعَبْدُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا ... فِي أَعْيُنِ الْغِيدِ مَوْقُوفٌ عَلَى خَطَرِ يَسُرُّ نَاظِرَهُ مَا ضَرَّ خَاطِرَهُ ... لَا مَرْحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ وَقَالَ الْحَجَّاوِيُّ: فُضُولُ النَّظَرِ أَصْلُ الْبَلَاءِ لِأَنَّهُ رَسُولُ الْفَرْجِ، أَعْنِي الْآفَةَ الْعُظْمَى وَالْبَلِيَّةَ الْكُبْرَى، وَالزِّنَا إنَّمَا يَكُونُ سَبَبُهُ فِي الْغَالِبِ النَّظَرَ، فَإِنَّهُ يَدْعُو إلَى الِاسْتِحْسَانِ وَوُقُوعِ صُورَةِ الْمَنْظُورِ إلَيْهِ فِي الْقَلْبِ وَالْفِكْرَةِ، فَهَذِهِ الْفِتْنَةُ مِنْ فُضُولِ النَّظَرِ، وَهُوَ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي تُفْتَحُ لِلشَّيْطَانِ عَلَى ابْنِ آدَمَ. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْإِمَامِ الصَّرْصَرِيِّ ﵀ وَرَضِيَ عَنْهُ: وَغُضَّ عَنْ الْمَحَارِمِ مِنْك طَرْفًا ... طَمُوحًا يَفْتِنُ الرَّجُلَ اللَّبِيبَا فَخَائِنَةُ الْعُيُونِ كَأُسْدِ غَابٍ ... إذَا مَا أُهْمِلَتْ وَثَبَتْ وُثُوبَا وَمَنْ يَغْضُضْ فُضُولَ الطَّرْفِ عَنْهَا ... يَجِدْ فِي قَلْبِهِ رَوْحًا وَطِيبَا وَمِنْ آفَاتِ النَّظَرِ أَنَّك تَرَى مَا لَا قُدْرَةَ لَك عَلَيْهِ، وَلَا صَبْرَ لَك عَنْهُ، وَكَفَى بِهَذَا فِتْنَةً كَمَا قِيلَ: وَكُنْت مَتَى أَرْسَلْت طَرْفَك رَائِدًا ... لِقَلْبِك يَوْمًا أَتْعَبَتْك الْمَنَاظِرُ رَأَيْت الَّذِي لَا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ ... عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ وَأَنْشَدَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ لِنَفْسِهِ: مَلَّ السَّلَامَةَ فَاغْتَدَتْ لَحَظَاتُهُ ... وَقْفًا عَلَى طَلَلٍ يُظَنُّ جَمِيلَا مَا زَالَ يُتْبِعُ إثْرَهُ لَحَظَاتَهُ ... حَتَّى تَشَحَّطَ بَيْنَهُنَّ قَتِيلَا وَلَهُ قَصِيدَةٌ ذَكَرَهَا بِرُمَّتِهَا فِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ: يَا رَامِيًا بِسِهَامِ اللَّحْظِ مُجْتَهِدًا ... أَنْتَ الْقَتِيلُ بِمَا تَرْمِي فَلَا تُصِبْ وَبَاعِثُ الطَّرْفِ تَرْتَادُ الشِّفَاءَ لَهُ ... تَوَقَّهُ إنَّهُ يَرْتَدُّ بِالْعَطَبِ تَرْجُو الشِّفَاءَ بِأَحْدَاقٍ بِهَا مَرَضٌ ... فَهَلْ سَمِعْت بِبُرْءٍ جَاءَ مِنْ عَطَبِ وَمُفْنِيًا نَفْسَهُ فِي إثْرِ أَقْبَحِهِمْ ... وَصْفًا لِلَطْخِ جَمَالٍ فِيهِ مُكْتَسَبِ وَوَاهِبًا عُمْرَهُ مِنْ مِثْلِ ذَا سَفَهًا ... لَوْ كُنْت تَعْرِفُ قَدْرَ الْعُمْرِ لَمْ تَهَبْ وَبَائِعًا طِيبَ عَيْشٍ مَا لَهُ خَطَرٌ ... بِطَيْفِ عَيْشٍ مِنْ الْأَيَّامِ مُنْتَهَبِ غُبِنْت وَاَللَّهِ غَبْنًا فَاحِشًا فَلَو اسْ ... تَرْجَعْتَ ذَا الْعِقْدَ لَمْ تُغْبَنْ وَلَمْ تَخِبْ

1 / 86