غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
77

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

تصوف
جَمِيعَ نَوَاحِي الْأَرْضِ شَرْقًا وَغَرْبًا فَسُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ. وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي كِتَابِي الْجَوَابِ الْمُحَرَّرِ فِي الْكَشْفِ عَنْ الْخَضِرِ وَالْإِسْكَنْدَرِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَوْلُهُ ﷺ «فَلَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ» إلَخْ رُبَّمَا تَحَايَلَ أَحَدٌ جَوَازَ الْقَصْدِ لِلْأُولَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْأُولَى الَّتِي لَمْ يَقْصِدْهَا. وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ النَّظْرَةِ الْفَجْأَةِ قَالَ اصْرِفْ نَظَرَك» قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ يَحْضُرْهَا الْقَلْبُ، وَلَا يَتَأَمَّلُ بِهَا الْمَحَاسِنَ، وَلَا يَقَعُ الِالْتِذَاذُ بِهَا، فَمَتَى اسْتَدَامَهَا مِقْدَارَ حُضُورِ الذِّهْنِ كَانَتْ كَالثَّانِيَةِ فِي الْإِثْمِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد «وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ» . وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْفَرْجُ يَزْنِي» . وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «الْإِثْمُ حَوَّازُ الْقُلُوبِ وَمَا مِنْ نَظْرَةٍ إلَّا وَلِلشَّيْطَانِ فِيهَا مَطْمَعٌ» وَمَعْنَى حَوَّازُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ مَا يَحُوزُهَا وَيَغْلِبُ عَلَيْهَا حَتَّى تَرْتَكِبَ مَا لَا يَحْسُنُ، وَقِيلَ بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ جَمْعُ حَازَّةٍ وَهِيَ الْأُمُورُ الَّتِي تَحُزُّ فِي الْقُلُوبِ وَتَحُكُّ وَتُؤَثِّرُ وَتَتَخَالَجُ فِي الْقُلُوبِ فَتَكُونُ مَعَاصِيَ، وَهَذَا أَشْهَرُ. وَمِنْهُ «الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِك وَكَرِهْت أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «لَتَغُضُّنَّ أَبْصَارَكُمْ، وَلَتَحْفَظُنَّ فُرُوجَكُمْ، أَوْ لَيَكْسِفَنَّ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ» .

1 / 84