غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
73

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

تصوف
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: يَكْتُبُ الْمَلَكُ كُلَّ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، حَتَّى أَنَّهُ لَيَكْتُبُ قَوْلَ أَكَلْت وَشَرِبْت وَذَهَبْت وَجِئْت، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ عَرَضَ قَوْلَهُ وَعَمَلَهُ فَأُقِرَّ مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ وَأُلْغِيَ سَائِرُهُ، فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩] وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧] ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨] . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَقَدْ أَجْمَعَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى أَنَّ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ، وَاَلَّذِي عَنْ شِمَالِهِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وَفِي الصَّحِيحِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ وَالْمَلَكُ عَنْ يَمِينِهِ» . وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا «أَنَّ عَنْ يَمِينِهِ كَاتِبَ الْحَسَنَاتِ» . وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: رَكِبَ رَجُلٌ حِمَارًا فَعَثَرَ بِهِ، فَقَالَ تَعِسَ الْحِمَارُ، فَقَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ مَا هِيَ حَسَنَةٌ أَكْتُبُهَا، وَقَالَ صَاحِبُ الْيَسَارِ مَا هِيَ سَيِّئَةٌ فَأَكْتُبُهَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ مَا تَرَكَ صَاحِبُ الْيَمِينِ مِنْ شَيْءٍ فَاكْتُبْهُ، فَأَثْبَتَ فِي السَّيِّئَاتِ تَعِسَ الْحِمَارُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ مَا لَيْسَ بِحَسَنَةٍ فَهُوَ سَيِّئَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا، فَإِنَّ بَعْضَ السَّيِّئَاتِ قَدْ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَقَعُ مُكَفَّرَةً بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، وَلَكِنَّ زَمَانَهَا قَدْ خَسِرَهُ صَاحِبُهَا حَيْثُ ذَهَبَ بَاطِلًا، فَيَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ حَسْرَةٌ فِي الْقِيَامَةِ وَأَسَفٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ نَوْعُ عُقُوبَةٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (وَإِرْسَالُ) أَيْ إطْلَاقُ وَتَسْلِيطُ (طَرْفِ) أَيْ عَيْنِ (الْمَرْءِ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ: الْإِنْسَانُ أَوْ الرَّجُلُ وَلَا جَمْعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ جَمْعُ مُرْءُونَ فَشَاذٌّ، وَالْأُنْثَى مَرْأَةٌ وَيُقَالُ مَرَةٌ وَالِامْرَأَةُ. وَفِي امْرِئٍ مَعَ أَلِفِ الْوَصْلِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فَتْحُ الرَّاءِ دَائِمًا وَضَمُّهَا دَائِمًا وَإِعْرَابُهَا دَائِمًا ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ. قَالَ وَنَقُول هَذَا امْرُؤٌ وَمَرْوٌ وَرَأَيْت امْرَأً وَمَرْءًا وَمَرَرْت بِامْرِئٍ مُعْرَبًا مِنْ مَكَانَيْنِ انْتَهَى. وَالطَّرْفُ لَا يُجْمَعُ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْبَصَرِ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَقِيلَ أَطْرَافٌ، وَالْمُرَادُ إطْلَاقُ بَصَرِ الْإِنْسَانِ بِالنَّظَرِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

1 / 80