غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
60

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

تصوف
الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦] حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ. ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُك بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْت بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ. ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُك بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْت بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْك هَذَا، قُلْت يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ ثَكِلَتْك أُمُّك، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ ثُمَّ قَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَفَّ اللِّسَانِ وَضَبْطَهُ وَحَبْسَهُ هُوَ أَصْلُ الْخَيْرِ كُلِّهِ وَأَنَّ مَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ فَقَدْ مَلَكَ أَمْرَهُ وَأَحْكَمَهُ وَضَبَطَهُ. وَخَرَّجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي يُسْرٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ أَمْسِكْ هَذَا وَأَشَارَ إلَى لِسَانِهِ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ وَقَالَ ثَكِلَتْك أُمُّك هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» وَقَالَ إسْنَادٌ حَسَنٌ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَالْمُرَادُ بِحَصَائِدِ الْأَلْسِنَةِ جَزَاءُ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ وَعُقُوبَاتُهُ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَزْرَعُ بِقَوْلِهِ وَعَمَلِهِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ يَحْصُدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا زَرَعَ، فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ حَصَدَ الْكَرَامَةَ وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ حَصَدَ النَّدَامَةَ. وَظَاهِرُ حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ بِهِ النَّاسُ النَّارَ النُّطْقُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النُّطْقِ يَدْخُلُ فِيهَا الشِّرْكُ وَهُوَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ ﷿، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ قَرِينُ الشِّرْكِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ الَّتِي عَدَلَتْ الشِّرْكَ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ وَالْقَذْفُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ، كَالْكَذِبِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْغِيبَةِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي الْقَوْلِيَّةِ، وَكَذَا الْفِعْلِيَّةُ لَا يَخْلُو غَالِبًا مِنْ قَوْلٍ يَقْتَرِنُ بِهَا يَكُونُ مُعِينًا عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ الْأَجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ» رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

1 / 67