غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
ناشر
مؤسسة قرطبة
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1414 ہجری
پبلشر کا مقام
مصر
اصناف
تصوف
وَرُوِيَ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْجَارُودِ ﵁ يَرْفَعُهُ «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ طُمِسَ وَجْهُهُ وَمُحِقَ ذِكْرُهُ، وَأُثْبِتَ اسْمُهُ فِي النَّارِ» .
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ سَمِعْت أَبِي يَقُولُ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأْنِ مِنْ اللِّينِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ، يَقُولُ اللَّهُ ﷿ أَبِي تَغْتَرُّونَ، أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ، إنِّي حَلَفْت لَأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانَ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مُخْتَصِرًا مِنْهُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ﵁: مَا شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلَّهِ، وَمَا شَيْءٌ أَبْغَضُ إلَى اللَّهِ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» .
وَسُئِلَ الْحَسَنُ مَا عُقُوبَةُ الْعَالِمِ؟ قَالَ مَوْتُ الْقَلْبِ، قِيلَ وَمَا مَوْتُ الْقَلْبِ؟ قَالَ طَلَبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ:
خُذْ مِنْ عُلُومِي وَلَا تَنْظُرْ إلَى عَمَلِي ... وَاقْصِدْ بِذَلِكَ وَجْهَ الْوَاحِدِ الْبَارِي
وَإِنْ مَرَرْت بِأَشْجَارٍ لَهَا ثَمَرٌ ... فَاجْنِ الثِّمَارَ وَخَلِّ الْعُودَ لِلنَّارِ
فَالْمُرَادُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْأَخْذِ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي الْعَمَلِ وَإِلَّا كَانَ مَرْدُودًا عَلَى قَائِلِهِ، كَمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ: وَلَمَّا حَجَّ سَالِمٌ الْخَوَّاصُ لَقِيَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ﵁ فِي السُّوقِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ فِي السُّوقِ فَأَنْشَدَ ابْنُ عُيَيْنَةَ:
خُذْ مِنْ عُلُومِي وَإِنْ قَصَّرْت فِي عَمَلِي ... يَنْفَعْكَ عِلْمِي وَلَا يَضْرُرْك تَقْصِيرِي
فَلَعَلَّ مُرَادَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِذَلِكَ هَضْمُ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ اُشْتُهِرَ فَضْلُهُ وَحَسُنَ عِلْمُهُ وَعَمَلُهُ، وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ. أَخَذَ عَنْهُ الْأَئِمَّةُ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁، وَأَكْثَرُ ثُلَاثِيَّاتِ الْمُسْنَدِ عَنْهُ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ عَنْ
1 / 53