181

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

ایڈیشن

الثانية

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

تصوف
فَأَجَابَ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَنْ أَسْرَفَ وَكَذَبَ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ ﴿فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٥] ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٦] ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَجَابَ عَنْ الْحَدِيثِ بِنَحْوِ مَا قَدَّمْنَا. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤] جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّا شُعَرَاءُ، فَقَالَ: اقْرَءُوا مَا بَعْدَهَا، إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنْتُمْ، وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا أَنْتُمْ» قَالَ السُّهَيْلِيُّ: نَزَلَتْ الْآيَةُ فِي الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا وَرَدَتْ بِالْإِبْهَامِ لِيَدْخُلَ مَعَهُمْ مَنْ اقْتَدَى بِهِمْ، وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ مَعَ الثَّلَاثَةِ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ بِغَيْرِ إسْنَادٍ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: أَوْفَدَ زِيَادٌ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ ﵁ فَقَالَ لَهُ: أَقْرَأْت الْقُرْآنَ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ أَفَرَضْت الْفَرَائِضَ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ رَوَيْت الشِّعْرَ؟ قَالَ لَا، فَكَتَبَ إلَى زِيَادٍ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي ابْنِك فَأَرْوِهِ الشِّعْرَ فَقَدْ وَجَدْته كَامِلًا، وَإِنِّي سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ يَقُولُ: ارْوُوا الشِّعْرَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَيُنَقِّي مَسَاوِيهَا، وَتَعَلَّمُوا الْأَنْسَابَ فَرُبَّ رَحِمٍ مَجْهُولَةٍ قَدْ وُصِلَتْ بِعِرْفَانِ النَّسَبِ، وَتَعَلَّمُوا مِنْ النُّجُومِ مَا يَدُلُّكُمْ عَلَى سَبِيلِكُمْ.
وَقَالَ أَبُو زِيَادٍ: مَا رَأَيْت أَرْوَى لِلشِّعْرِ مِنْ عُرْوَةَ، فَقُلْت لَهُ: مَا أَرْوَاك لِلشِّعْرِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ وَمَا رِوَايَتِي مَعَ رِوَايَةِ عَائِشَةَ ﵂، مَا كَانَ يَنْزِلُ بِهَا شَيْءٌ إلَّا أَنْشَدَتْ شِعْرًا. وَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ: مَا كَلَّمْت أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَعْلَمَ بِشِعْرٍ وَلَا فَرِيضَةٍ مِنْ عَائِشَةَ ﵂، وَعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: رَحِمَ اللَّهُ لَبِيدًا إنِّي لَأَرْوِي لَهُ أَلْفَ بَيْتٍ وَإِنَّهُ أَقَلُّ مَا أَرْوِي لِغَيْرِهِ.
وَسَمِعَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ مِنْ قَوْلِ الْحُطَيْئَةِ:
مَنْ يَفْعَلْ الْخَيْرَ لَا يَعْدَمُ جَوَازِيَهُ ... لَا يَذْهَبُ الْعُرْفُ بَيْنَ اللَّهِ وَالنَّاسِ

1 / 188