174

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

ناشر

مؤسسة قرطبة

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1414 ہجری

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

تصوف
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ هِشَامٍ فِي صَدْرِ شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ: التَّشْبِيبُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَبِ جِنْسٌ يَجْمَعُ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: ذِكْرُ مَا فِي الْمَحْبُوبِ مِنْ الصِّفَاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ كَحُمْرَةِ الْخَدِّ وَرَشَاقَةِ الْقَدِّ وَكَالْجَلَالَةِ وَالْخَفَرِ. وَالثَّانِي: ذِكْرُ مَا فِي الْمُحِبِّ مِنْ الصِّفَاتِ أَيْضًا كَالنُّحُولِ وَالذُّبُولِ وَالْحُزْنِ وَالشَّغَفِ. وَالثَّالِثُ: ذِكْرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ هَجْرٍ وَوَصْلٍ وَشَكْوَى وَاعْتِذَارٍ وَوَفَاءٍ وَإِخْلَافٍ. (وَالرَّابِعُ): مَا يَتَعَلَّقُ أَمْرُهُمَا بِسَبَبِهَا كَالْوُشَاةِ وَالرُّقَبَاءِ وَيُسَمَّى النَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ تَشْبِيبًا أَيْضًا. وَفِي قَوْلِ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَقَدْ سَمِعَ الْمُخْتَارُ شِعْرَ صِحَابِهِ وَتَشْبِيبَهُمْ، إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ حُرْمَةِ التَّشْبِيبِ. وَلَمَّا خَشِيَ تَوَهُّمَ إطْلَاقِ الْإِبَاحَةِ دَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ خُرَّدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَتَشَبَّبُ بِمُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَاسْتِمَاعِهِ. مَطْلَبٌ: فِي سَمَاعِهِ ﷺ شِعْرَ أَصْحَابِهِ وَتَشْبِيبَهُمْ فَمِمَّا سَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ شِعْرِ أَصْحَابِهِ وَتَشْبِيبَهُمْ قَصِيدَةُ (كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ) ﵁ الَّتِي مَدَحَ بِهَا سَيِّدَ الْكَائِنَاتِ سَيِّدَنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٌ ﷺ فَإِنَّهُ أَنْشَدَهَا بِحَضْرَتِهِ الشَّرِيفَةِ وَبِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ﵃ أَجْمَعِينَ -، وَهُوَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرِ بْنُ أَبِي سُلْمَى بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَاسْمُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي رِيَاحٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا يَاءٌ وَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ آخِرَ الْحُرُوفِ أَحَدُ بَنِي مُزَيْنَةَ، كَانَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ هُوَ وَأَبُوهُ، وَكَانَ عُمَرُ ﵁ لَا يُقَدِّمُ عَلَى أَبِيهِ أَحَدًا فِي الشِّعْرِ وَيَقُولُ أَشْعَرُ النَّاسِ الَّذِي يَقُولُ وَمَنْ، وَمَنْ، وَمَنْ، يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي مُعَلَّقَتِهِ الْمَشْهُورَةِ: وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنَايَا يَنُلْنَهُ ... لَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمْ وَمَنْ يَكُ ذَا مَالٍ فَيَبْخَلْ بِمَالِهِ ... عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَمْ مَنْ لَا يَزَلْ يَسْتَحْمِدُ النَّاسَ نَفْسَهُ ... وَلَا يُغْنِهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ يَنْدَمْ وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبُ عَدُوًّا صَدِيقَهُ ... وَمَنْ لَا يُكْرِمْ نَفْسَهُ لَا يُكْرَمْ وَمَنْ لَا يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلَاحِهِ ... يُهْدَمْ وَمَنْ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ يُظْلَمْ مَنْ لَا يُصَانِعُ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ ... يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوطَأْ بِمَنْسِمْ

1 / 181