غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
ناشر
مؤسسة قرطبة
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1414 ہجری
پبلشر کا مقام
مصر
اصناف
تصوف
الْمُسْلِمَ لِتَكَبُّرِهِ عَلَيْهِ، وَالْكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ خِصَالِ الشَّرِّ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا، فَقَالَ إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ - أَيْ دَفْعُهُ وَرَدُّهُ - وَغَمْطُ النَّاسِ» أَيْ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ احْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاؤُهُمْ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا عِنْدَ الْحَاكِمِ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ: مَالِكٌ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إذَا سَمِعْتُمْ الرَّجُلَ يَقُولُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ» قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْته بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَلَا أَدْرِي أَيُّهُمَا قَالَ يَعْنِي بِنَصْبِ الْكَافِ مِنْ أَهْلَكَهُمْ وَرَفْعِهَا. وَفَسَّرَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ إذَا قَالَ ذَلِكَ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ مُزْدَرِيًا بِغَيْرِهِ فَهُوَ أَشَدُّ هَلَاكًا مِنْهُمْ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي سَرَائِرَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ. انْتَهَى.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَإِذَا كَانَتْ التَّقْوَى فِي الْقُلُوبِ فَلَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا إلَّا اللَّهُ ﷿ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَكَثِيرٌ مَنْ يَكُونُ لَهُ صُورَةٌ حَسَنَةٌ أَوْ مَالٌ أَوْ جَاهٌ أَوْ رِيَاسَةٌ فِي الدُّنْيَا وَيَكُونُ قَلْبُهُ خَرَابًا مِنْ التَّقْوَى، وَيَكُونُ مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَلْبُهُ مَمْلُوءًا مِنْ التَّقْوَى فَيَكُونُ أَكْرَمَ عِنْدَ اللَّهِ ﷿ بَلْ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ وُقُوعًا.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «إنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِسِبَابٍ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ وَلَدُ آدَمَ طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ فَضْلٌ عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِالدِّينِ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ «لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إلَّا بِالدِّينِ، أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ، حَسْبُ الرَّجُلَ أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا بَذِيًّا بَخِيلًا» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إلَّا بِدِينٍ أَوْ تَقْوَى، وَكَفَى بِالرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ بَذِيًّا فَاحِشًا بَخِيلًا» قَوْلُهُ طُفُّ الصَّاعِ بِالْإِضَافَةِ أَيْ قَرِيبٌ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ.
1 / 132