أن يجعل تلاميذه عنده كبنيه تماما حبا ورعاية وإخلاصا في تثقيفهم وتعليمهم، وتزويدهم بالمثل العليا التي تفيدهم وتفيد الإنسانية على أيديهم.
وعليه أن يعمل بما علم قبل أن يدعو الناس إلى علمه، فمعلم الشرع لا يكذب حاله مقاله، وإلا نفر الناس من آدابه وشرعه.
والطبيب إذا تناول ما زجر الناس عنه حملهم على الهزء به وتناول ما نهاهم عنه، ولو كان من السموم، فيضل ويضل، وينقلب النهي إغراء وتحريضا.
والعلم والعمل صفتان متلازمتان عند الغزالي، فلا قوام لإحداهما بدون الأخرى، فإذا ترك المعلم ما يهديه إليه علمه ويأمره به فقد ضل وأضل، وفقد ثقة الناس، بل يجب الإعراض عنه وإخراجه من حظيرة العلم.
القدرية والتوكل
فكرة القضاء والقدر إحدى مشاكل الشرق الكبرى، وقد خدع كثير من عوام المسلمين بها، كما نسبها إلى الإسلام ظلما كثير من الأوربيين.
والغزالي في نظر الجماهير الإسلامية في عصرنا وفي العصور السابقة إمام من أئمة المنادين بالتوكل والقدرية؛ لأنه إمام من أئمة التصوف والصوفية.
والغزالي بريء من هذا براءة الإسلام منه، وإنما نشأت تلك العقيدة من تطرف بعض الصوفية، ومن سبحات أقلامهم بكلمات تبرق فتخدع من لا يعرف حقيقة الإسلام، وحقيقة دعوته إلى العمل والحياة والقوة والكفاح.
يقول الغزالي:
من الخطأ أن يظن أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالقلب، والسقوط على الأرض كالخرقة الملقاة وكاللحم على الوضم؛ فهذا ظن الجهال.
نامعلوم صفحہ