وذا النون المصري كان الرجل من أهل العلم يزداد بعلمه بغضا للدنيا وتركا لها واليوم يزداد الرجل بعلمه حبا للدنيا وطلبا لها وكان الرجل ينفق ماله على علمه واليوم يكسب الرجل بعلمه مالا وقال ابن مسعود ليس العلم بكثرة الرواية إنما العلم الخشية وقال الحسن اعلموا ما شئتم أن تعلموا فو الله لا يأجركم الله عليه حتى تعملوا فإن السفهاء همتهم الرواية والعلماء همتهم الرعاية وقال ابن مسعود نزل القرآن ليعمل به فاتخذتم دراسته عملا وسيأتي قوم يتقنوه مثل القنا ليسوا بخياركم والعالم الذي لا يعمل كالمريض يصف الدواء والجائع يصف لذيذ الأطعمة ولا يجده وفي ذلك قال الله ولكم الويل مما تصفون ويروى عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال أخوف ما أخاف على أمتي زلة العالم وميل الحكماء وسوء التأويل ويروى عن جابر موقوفا ومرفوعا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال لا تجلسوا عند كل عالم إلا عالما يدعوكم ( 49 ) من الخمس إلى الخمس من الشك إلى اليقين ومن الرؤيا إلى الإخلاص ومن الرغبة إلى الزهيد ومن الكبر إلى التواضع ومن العداوة إلى النصيحة وقال يحيى بن معاذ العالم إذا لم يكن زاهد فهو عقوبة لأهل زمانه وقال عمر ( رضي الله عنه ) تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والوقار والحلم والصبر والتواضع و تواصفوا لمن تعلمون وليتواضع لكم من يتعلمه منكم ولا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم وروى الضمائر عن ابن عباس ( رضي الله عنه ) عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال علماء هذه الأمة رجلان رجل أتاه الله علما فبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعا ولم يشير به ثمنا فذلك يصلي عليه طير السماء وحيتان الماء ودواب الأرض والكرام الكاتبون يقدم على الله يوم القيامة سيدا شريفا حتى يوافق المرسلين ورجل أتاه الله علما في الدنيا فضن به على عباد الله وأخذ عليه طمعا واشترى به ثمنا يأتي يوم القيامة ملجما بلجام من نار وينادى مناد
(1/42)
صفحہ 46