فَإِن قيل إِنَّمَا لم تثبت الْأَحْوَال للأحوال من جِهَة أَن الاحوال صِفَات وَالصِّفَات لَا تثبت للصفات بِخِلَاف الذوات وَأَيْضًا فَإِن ذَلِك مِمَّا يفضى إِلَى ثُبُوت الْحَال للْحَال إِلَى غير النِّهَايَة وَهُوَ محَال وَلَيْسَ يلْزم من كَون الِاتِّفَاق والافتراق بَين الذوات لَا يَقع إِلَّا بِالْحَال أَن يكون الِاتِّفَاق والافتراق بَين الاحوال بالأحوال وَهَذَا كَمَا نقُول فِي حقائق الْأَنْوَاع كالإنسان وَالْفرس وَنَحْوه فَإِنَّهَا تشترك فِي الْأَجْنَاس وتفترق بالفصول وَلم يلْزم أَن تكون للأجناس وَإِن تعدّدت جنس فَإِن الْجَوْهَر والكم والكيف أَجنَاس وَمَا وَقع بِهِ الِاشْتِرَاك بَينهمَا من الْوُجُود وَنَحْو فَلَيْسَ بِجِنْس لَهَا وَكَذَا لم يلْزم أَن تكون للفصول وَإِن تعدّدت فُصُول والا أفْضى إِلَى التسلسل وَهُوَ محَال فَكَمَا قيل فِي الْأَجْنَاس والفصول فلنقل مثله فِي الاحوال كَيفَ وَإِن مَا ذكرتموه من الْإِشْكَال رَاجع عَلَيْكُم بالمناقضة والإلزام فَإِنَّكُم رمتم بِهِ نفى الْأَحْوَال بطرِيق الْعُمُوم والشمول وَذَلِكَ مَعَ قطع النّظر عَن معنى يعم محَال وَهُوَ بِعَيْنِه اعْتِرَاف بِالْحَال
فَالْجَوَاب أما مَا ذَكرُوهُ من امْتنَاع قيام الصِّفَات بِالصِّفَاتِ فَهُوَ يرجع عَلَيْهِم بالإبطال حَيْثُ أثبتوا الْأَحْوَال للأعراض وَهِي صِفَات وَلم يتأبوا عَن ذَلِك فَإِذن مَا ذكرُوا من الْفرق لَا معنى لَهُ وَأما منع قيام الْحَال بِالْحَال قطعا للتسلسل فَلَيْسَ هَذَا بِأولى من إبِْطَال الاحوال أصلا ورأسا قطعا للتسلسل وَهُوَ أولى منعا للتحكم والتهجم بِمُجَرَّد الدَّعْوَى من غير دَلِيل
وَقَوْلهمْ إِن الْأَجْنَاس تماثل بهَا الْأَنْوَاع وَمَا تتماثل بِهِ الْأَجْنَاس لَا يلْزم أَن يكون جِنْسا فَهُوَ غلط فَإِن مَا تماثلت بِهِ الْأَنْوَاع لم يكن جِنْسا من حَيْثُ عُمُومه لَهَا فَقَط فَإِن الْإِنْسَان وَالْفرس قد يَشْتَرِكَانِ مثلا فِي السوَاد وَالْبَيَاض وَلَا يُقَال إِنَّه جنس لَهما فَإِذا الْجِنْس هُوَ مَا تتماثل بِهِ الانواع وَيُقَال عَلَيْهَا قولا أوليا فِي جَوَاب مَا هُوَ وَذَلِكَ كالحيوان
1 / 35