الْمُقدمَة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الَّذِي أظهر زبد دينه القويم وَهدى من وَفقه إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم أَحْمَده على مَا أنعم وَعلم وسدد إِلَى الصِّرَاط وَقوم وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْوَاحِد القهار الْكَرِيم الستار وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ختام الْأَنْبِيَاء الْأَبْرَار صلى الله عَلَيْهِم وَسلم وعل آله وَأَصْحَابه صَلَاة وَسلَامًا دائمين على ممر اللَّيَالِي وَالنَّهَار
وَبعد فَإِن صفوة الزّبد فِي الْفِقْه للشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة ولي الله تَعَالَى (أَحْمد بن رسْلَان) من أبدع كتاب فِي الْفِقْه صنف وَأجْمع مَوْضُوع فِيهِ على مِقْدَار حجمه ألف طلب مني بعض السَّادة الْفُضَلَاء والأذكياء النبلاء أَن أَضَع عَلَيْهَا شرحا يحل ألفاظها ويبرز دقائقها وَيُحَرر مسائلها ويجود دلائلها فأجبته إِلَى ذَلِك بعون الْقَادِر الْمَالِك ضاما إِلَيْهِ من الْفَوَائِد المستجادات مَا تقربه أعين أولى الرغبات راجيا من الله جزيل الثَّوَاب ومؤملا مِنْهُ أَن يَجعله عُمْدَة لأولي الْأَلْبَاب وسميته (غَايَة الْبَيَان فِي شرح زبد ابْن رسْلَان)
وَالله أسأَل وبنبيه أتوسل أَن يَجعله خَالِصا لوجهه الْكَرِيم مُوجبا للفوز بجنات النَّعيم قَالَ النَّاظِم (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) أَي أؤلف إِذْ كل فَاعل يبْدَأ فِي فعله بِبسْم الله يضمر مَا جعل التَّسْمِيَة مبدأ لَهُ كَمَا أَن الْمُسَافِر إِذا حل أَو ارتحل فَقَالَ بِسم الله كَانَ الْمَعْنى بِسم الله أحل وبسم الله أرتحل وَالِاسْم مُشْتَقّ من السمو وَهُوَ الْعُلُوّ وَالله علم للذات الْوَاجِب الْوُجُود وَأَصله إِلَه حذفت همزته وَعوض عَنْهَا حرف التَّعْرِيف ثمَّ جعل علما وَهُوَ عَرَبِيّ عِنْد الْأَكْثَر والرحمن الرَّحِيم إسمان بنيا للْمُبَالَغَة من رحم وَالرَّحْمَة لُغَة رقة الْقلب وانعطاف يَقْتَضِي التفضل وَالْإِحْسَان فالتفضل غايتها وَأَسْمَاء الله تَعَالَى الْمَأْخُوذَة من نَحْو ذَلِك إِنَّمَا تُؤْخَذ بِاعْتِبَار الغايات دون المبادى الَّتِي تكون انفعالات والرحمن أبلغ من الرَّحِيم لِأَن زِيَادَة الْبناء تدل على زِيَادَة الْمَعْنى كَمَا فِي قطع وَقطع وَنقض بحذر فَإِنَّهُ أبلغ من حاذر وَأجِيب لِأَن ذَلِك اكثرى لاكلى وَبِأَنَّهُ لَا يُنَافِي أَن يَقع فِي الأنقص زِيَادَة معنى لسَبَب آخر كالإلحاق بالأمور الجبلية مثل شَره ونهم وَبِأَن الْكَلَام فِي مَا إِذا كَانَ المتلاقيان فِي الِاشْتِقَاق متحدى النَّوْع فِي الْمَعْنى كغرث وغرثان وَصد وصديان لَا كحذر وحاذر للِاخْتِلَاف (الْحَمد للإله) بَدَأَ بالحمدلة بعد الْبَسْمَلَة اقْتِدَاء بِالْكتاب الْعَزِيز وَعَملا بِخَبَر كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَهُوَ أقطع وَفِي رِوَايَة بِالْحَمْد لله وَجمع النَّاظِم كَغَيْرِهِ بَين الابتداءين عملا بالروايتين وَإِشَارَة إِلَى أَنه لَا تعَارض بَينهمَا إِذْ الِابْتِدَاء حَقِيقِيّ وإضافي فالحقيقي حصل بالبسملة والإضافي بالحمدلة وَقدم الْبَسْمَلَة عملا بِالْكتاب وَالْإِجْمَاع وَجُمْلَة الحمدلة خبرية لفظا إنشائية معنى
1 / 2