حَتَّى يظْهر مِنْهُم خلاف ذَلِك وَنَحْوه مَا روينَا عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة قَالَ: " رَأَيْت رجلا قدم رجلا إِلَى إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي فَادّعى عَلَيْهِ دَعْوَى فَسَأَلَهُ الْمُدعى عَلَيْهِ، فَأنْكر، فَقَالَ للْمُدَّعى: أَلَك بَيِّنَة؟، قَالَ: نعم فلَان وَفُلَان، فَقَالَ: أما فلَان فَمن شُهُوده، وَأما فلَان فَلَيْسَ من شهودى، قَالَ: فيعرفه القَاضِي؟ قَالَ: نعم، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: عرفه بكتب الحَدِيث قَالَ: فَكيف تعرفه فى كتبته الحَدِيث؟ قَالَ: مَا علمت إِلَّا خيرا، قَالَ: فَإِن النَّبِي [ﷺ] قَالَ: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله "، وَمن عدله رَسُول الله [ﷺ] أولى مِمَّن عدلته أَنْت قَالَ: فهاته فقد قبلت شَهَادَته. وقوى الْحَافِظ أَبُو [/ ١٤] الْحجَّاج المزى مَا قَالَ ابْن عبد الْبر حَيْثُ قَالَ: " هُوَ فى زَمَاننَا مرضى بل رُبمَا يتَعَيَّن، وَكَذَا ابْن سيد النَّاس: لست أرى مَا قَالَ أَبُو عمر إِلَّا مرضيا قَالَ: وَلَو أَن مَسْتُور الْحَال فى دينهما تَعَارضا فى نقل خبر، وَأَحَدهمَا مَعْرُوف بِطَلَب الحَدِيث وكتابته وَالْآخر لَيْسَ كَذَلِك لكَانَتْ النَّاس إِلَى قبُول خبر الطَّالِب أميل وَلَا معنى لهَذِهِ الْمعرفَة إِلَّا مزية طلب الْعلم لَكِن سبقهما ابْن الصّلاح فتعقب ابْن عبد الْبر وَأَشَارَ إِلَى أَنه توسع. وأيده غَيره بِأَن قَوْله يحمل وَإِن كَانَ لَفظه لفظ الْخَبَر إِلَّا أَن مَعْنَاهُ الْأَمر لَا سِيمَا وفى بعض طرقه: " ليحمل هَذَا الْأَمر " بلام الْأَمر قَالَ: وَلَا يجوز أَن يكون خَبرا مَحْضا وَإِلَّا تطرق إِلَيْهِ الْخلف وَهُوَ محَال لِأَنَّهُ قد يحملهُ غير عدل فى الْوَاقِع وَحين إِذن فَلَا حجَّة فِيهِ وَوَافَقَ ابْن الصّلاح على ذَلِك ابْن أبي الدَّم وَقَالَ: إِنَّه قريب الإستمداد من مَذْهَب أبي حنيفَة فى أَن ظَاهر الْمُسلمين الْعَدَالَة وَقبُول شَهَادَة كل مُسلم مَجْهُول الْحَال إِلَى أَن يثبت جرحه قَالَ: وَهُوَ غير مرضى عندنَا لِخُرُوجِهِ عَن الِاحْتِيَاط وَيقرب مِنْهُ مَا ذهب إِلَيْهِ مَالك من قبُول شَهَادَة المتوسمين من أهل الْعَاقِلَة اعْتِمَادًا على ظَاهر أَحْوَالهم الْمُسْتَدلّ بهَا على الْعَدَالَة والصدق فِيمَا يشْهدُونَ بِهِ إِذا عرف هَذَا فالمعروف فى لفظ الحَدِيث يحمل " بِفَتْح التَّحْتَانِيَّة " وعدوله "
1 / 65