وقال عبد الله بن طاهر: كانَ للنَاسِ أربعة: ابنُ عبَّاس في زمانه، والشَعبي في زمانه، والقاسمُ بن مَعنٍ في زمانه، وأبو عبيدٍ القاسمُ بن سلاَّم في زمانه١.
وقال إبراهيم الحربيُّ: أدركتُ ثلاثةً لن يُري مثلهم أبدًا، تعجزُ النّساء أنْ يلدْنَ مثلهم، رأيتُ أبا عبيدٍ القاسمَ بنَ سلاَّم، ما مثَّلْتُه إلا بجبل نفِخَ فيه روحِ، ورأيتُ بشرَ بنَ الحارث فما شبهْتُه إلا برجلٍ عُجِنَ من قَرْنِه إلى قدمِه عقلا، ورأيتُ أحمد بن حنبل فرأيتُ كأنَ اللَّهَ جمعَ له علم الأوَّلين من كلِّ صنفٍ، يقول ما شاء ويمسك ما شاء٢.
وقال إسحاقُ بن إبراهيم الحنظليُّ: أبو عبيدٍ أوسعُنا علمًا، وأكثرنا أدبًا، وأجمعُنا جمعًا، إنَا نحتاج إلى أبي عبيدٍ، وأبو عبيدٍ لا يحتاج إلينا٣.
وقال الجاحظ: ومن المُعلِّمين ثمَّ الفقهاء والمحدثين، ومن النحويين والعلماء بالكتاب والسُنَّة، والنَّاسخ والمنسوخ، وبغريبِ الحديث، وإعراب القرآن، وممَن جمع صنوفًا من العلم، أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلاَّم، وكانَ مؤدبًا لم يكتب النَاسُ أصحَّ من كتبه، ولا أكثر فائدة٤.
وسئل أبو قدامة عن الشافعيِّ وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد، فقال: أما أفهمُهم فالشافعي، إلا أنَّه قليلُ الحديث، وأمَا أورعهم فأحمد بن حنبل، وأمَّا أحفظهم فإسحاق- هو ابن راهويه-، وأمَّا أعلمُهم بلغاتِ العربِ فأبو عبيدٍ٥.
فهذه الشهادات من هؤلاء العلماء وغيرهم دليلٌ واضحٌ على مكانة أبي عبيدٍ العالية، ومرتبته المنيفة، إذ النَاسُ شهداءُ الله في الأرض، فإذا أثنوا على
_________
١ انظر تاريخ بغداد ١٢/٤١٢.
٢ تاريخ بغداد ١٢/٤١٢.
٣ إنباه الرواة ٣/ ١٩.
٤ طبقات النحويين للزبيدي ص ١٩٩.
٥ إنباه الرواة ٣/١٨.
1 / 255