غراميات كاتولوس
غراميات كاتولوس: فطحل شعراء الغزل الرومان
اصناف
وأوفيلينا
Aufilena ، ولكنه كان صغير السن من غير شك، وفي غاية السذاجة، ومن ثم لم يقو أمام حب هذه المرأة الرومانية العظيمة، التي تنازلت فخصته هو دون غيره بنظرات الحب ولمحات الهيام، فجرفته في تيارها واكتسحته بسحرها وأوقعته في حبائلها حتى الثمالة. وكانت سن كلوديا نفسها تزيد على سن كاتولوس بما يقرب من العشر سنوات، فقد كانت تقترب من ذلك السن الذي يسميه أوفيديوس سن الفتنة والجاذبية (امرأة في سن الثلاثين)، كما كانت قطعة من الإغراء الفتان، بديعة فريدة المثال، أشبه بالبدر المنير بين النجوم السواطع، ذات وجه صبوح وعينين دعجاوين، في وجهها هدوء، وفي عينيها صفاء، ولصورتها رواء، هيفاء متناسبة الطول معتدلة القد، مرفوعة الرأس دائما، لا يبدو وجهها إلا مليحا صبوحا واضحا. تسير في طريقها فلا تنحرف ولا تميل، كاملة بارعة تعزف لحنا ساحرا، فتجذب بظاهر فتنتها قلبا بعد قلب. وكان عنقها الأتلع المستدير يشبه برجا من اللجين الخالص، وذراعها البضة تشبه فرعا مجيدا من شجرة مباركة، كل ورقة فيها تفيض بالبهاء والنور. وكان جبينها ناصعا كالصراحة، ونظراتها باترة كالعزيمة، ولمعة تفكيرها العبقري تجثم في عمق عينيها كما يجثم سر الحياة الكبرى في مقدس بدنها الغض الجميل. أسنانها بيضاء كياسمين منضد، صقيلة لماعة كأندر العاج وأغلاه. ممشوقة القوام في شموخ ساطع، جريئة الروح في اتقاد ناضر، مشبوبة القلب، مضطرمة العاطفة، أهدابها كحيلة سوداء ذات وطف، ثغرها دقيق عذب المراشف، قد فرع عودها وبرز نهداها المثمران المتحلبان نعيما، كما استدار وجهها وتلألأ جبينها المشرق كأنه الهلال الوليد يطل من الأفق.
كانت كلوديا إذن مثلا صارخا من الجمال الإيطالي الذي كان يتخذه بعض الفنانين نموذجا حيا لهم في فنهم. هذا وإن كان كاتولوس لم يذكر لنا في أشعاره من أوصاف كلوديا الجسدية إلا النزر اليسير عن قدمها الدقيقة، ويدها المستدقة، وأنفها الصغير المستقيم وعيونها السوداء اللامعة.
أما شيشيرن الذي كان يعرفها معرفة جيدة، والذي فكر مليا في الطلاق من زوجته تيرينتيا
Terentia
من أجل الزواج منها، فقد اعتاد أن يصفها دائما بتلك الصفة الهومرية المشهورة «ذات عيون المها»، التي تنسب دائما لملكة السموات. ولا شك أن كلوديا قد بدت لكاتولوس في بادئ الأمر كأنها جونو
Juno
متجسدة، لها جمال وجلال زوجة جوبيتر
Jupiter
ملك الأرباب والبشر.
نامعلوم صفحہ