وصرخ صرخة خافتة وهو يجري نحو حائط الحديقة وخادمه يتعثر من خلفه، وسمعا خلفهما وقع أقدام كثيرة، ما لبث أن وقعا أسيرين وقد أحاط بهما الرجال، وأخذ الملك يلتفت يمينا ويسارا عله يهتدي إلى مخرج من بين هذه الدائرة القاتلة من الرجال الذين كانوا يحيطون به وبخادمه، ويكونون أمامهما سدا منيعا، وصاح بصوت ضعيف وهو يحاول يائسا أن يسأل بشيء من السلطة: ماذا تريدون؟ ماذا تريدون؟
وتقدم إليه رجل ملتف في عباءة، وكان بوثول، وقال له: إننا نريدك أنت أيها الأحمق.
وغادرت الملك تلك العظمة الملكية التي لم يحسن الظهور بها في يوم من الأيام، غادرته نهائيا، فأخذ يصيح: الرحمة! الرحمة!
فأجابه الطاغية بوثول: تطلب الرحمة التي أظهرتها في الماضي لدافيد ريزيو؛ أليس كذلك؟ ها! ها!
وسقط دارنلي على الأرض وحاول أن يقبل قدمي القاتل، إلا أن بوثول مر فوق جسمه، ثم أمسك بلباسه ونزعه عن جسمه المرتعد، وربط أكمام اللباس في عنق الملك، وأخذ يشدهما بقوة وقسوة، ولم يتركهما إلا بعد أن كف الملك المسكين عن الحركة، فعرف أن الحياة قد غادرته.
وذهبت الملكة ماري، بعد أربعة أيام من هذه الحادثة، لرؤية جثة زوجها في كنيسة قصر هوليرود حيث نقلت بعد قتله، ووصف أحد معاصريها تلك الزيارة فذكر أن الملكة أطالت النظر إلى جثة زوجها، وقال: «إن نظرتها إلى جثة زوجها لم تكن فقط خلوا من أي شعور بالحزن، بل كانت تدل على الرضاء والتشجيع.»
ودفنت الجثة سرا بعد ذلك إلى جانب جثة ريزيو، فاجتمع القاتل والمقتول في نهاية الأمر جنبا إلى جنب.
نهاية العاشقين
اتهمت الملكة ماري بطريق غير مباشر بأنها قاتلة زوجها اللورد دارنلي، وعرف أن الجريمة دبرت بعلمها، وأن فاعلها الأصلى هو اللورد بوثول صديقها المخلص. وقد ثار أعداء الملكة لهذه الجريمة، وأخذوا في تحريض الناس ضدها، وكانت النتيجة أن قدم بوثول للمحاكمة بتهمة نسف قصر كيرك أوفيلد وقتل دارنلي، ولكن المحكمة برأته في النهاية.
وبعد تبرئة بوثول دبر جريمة أخرى هي اختطاف الملكة في الظاهر، ولكن غرضه الحقيقي كان نقلها والاستئثار بها في قصر دنبار؛ ولذلك سامحته ماري على اختطافها من قصرها، وبعد أن تم الطلاق بينه وبين زوجته تزوجته هي. ويشك الكثير في صحة هذا الزواج الذي تم بين الملكة ولورد بوثول؛ لأنه لا يطابق قوانين الكنيسة الكاثوليكية. والظاهر أن الملكة نفسها كانت تشك في صحته؛ حتى إنها تزوجته مرة أخرى فيما بعد طبقا لقواعد الكنيسة البروتستنتية.
نامعلوم صفحہ