91

** الرابع فيما يختص بتفسير الحمد لله من الفوائد.

** الأولى

والياقوتة الثمينة ، والحمد للحي فقط. والمدح قد يكون قبل الإحسان وقد يكون بعده ، والحمد إنما يكون بعد الإحسان. والمدح قد يكون منهيا عنه قال صلى الله عليه وسلم : «

** احثوا التراب في وجوه المداحين

** من لم يحمد الناس لم يحمد الله

باختياره وبغير اختياره ، والحمد قول دال على أنه مختص بفضيلة اختيارية معينة وهي فضيلة الإنعام إليك وإلى غيرك ، ولا بد أن يكون على جهة التفضيل لا على سبيل التهكم والاستهزاء ، والشكر على النعمة الواصلة إليك خاصة وهو باللسان ، وقد يكون بالقلب والجوارح قال الشاعر :

أفادتكم النعماء مني ثلاثة

يدي ولساني والضمير المحجبا

والحمد باللسان وحده فهو إحدى شعب الشكر ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «

** الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده

لها وأدل على مكانها من الاعتقاد وأداء الجوارح لخفاء عمل القلب ، وما في عمل الجوارح من الاحتمال بخلاف عمل اللسان وهو النطق الذي يفصح عن كل خفي. والحمد نقيضه الذم ولهذا قيل : الشعير يؤكل ويذم. والمدح نقيضه الهجاء ، والشكر نقيضه الكفران ، إذا عرفت ذلك فنقول : إذا قال المدح لله لم يدل ذلك على كونه تعالى فاعلا مختارا لما مر أن المدح قد يكون لغير المختار. ولو قال : الشكر لله كان ثناء بسبب إنعام وصل إلى ذلك القائل. وإذا قال : الحمد لله فكأنه يقول سواء أعطيتني أو لم تعطني فإنعامك واصل إلى كل العالمين وأنت مستحق للحمد العظيم ، ولا ريب أن هذا أولى. وقيل : الحمد لله على ما دفع من البلاء ، والشكر لله على ما أعطى من النعماء ، والنعمة في الإعطاء أكثر من النعمة في دفع البلاء ، فكأنه يقول : أنا شاكر لأدنى النعمتين فكيف بأعلاهما؟ ويمكن أن يقال : إن المنع غير متناه والإعطاء متناه ، والابتداء بشكر دفع البلاء الذي لا نهاية له أولى ، وأيضا دفع الضرر أهم من جلب النفع فتقديمه أحرى. الثانية : لو قال : أحمد الله أفاد كون ذلك القائل على حمده ، وإذا قال : الحمد لله أفاد أنه كان محمودا قبل حمد الحامدين وقبل شكر الشاكرين. وأيضا الحمد لله معناه أن مطلق الحمد

صفحہ 93