إلى غير ذلك من شعره، وما ذكر زهرة من زهره، ومعظمه مما أنشده في مدينة السلام، وفيه أشعار بما أضربه من رخص أسعار فضله عند اللئام، والتشطير المذكور آخر شعر أحكم نظامه، والحمام قد نصب بباب داره خيامه، وكل أرويه عنه، وأدريه منه، وقد دفن عليه الرحمة في قبة حذاء قبة الشيخ عبد الله العيدروسي، في محلة حضرة الباز الأشهب أظلنا الله تعالى بظلال جناحه القدوسي،) وقرأت (شرح النخبة للهيكل النوراني، المحدث الحافظ ابن حجر العسقلاني، عند الفاضل الأوحدي) الشيخ علي أفندي السويدي (وكان ذا جاه كبير عند والي بغداد سليمان باشا الصغير، فكان لا يصدر إلا عن رأيه، وهو يسعى في نصحه غاية سعيه، وامتحن بعد قتله بسبب ذلك، وكان يهوى لولا بركة العلم في مهاوي المهالك، ومن الغريب أنه على كمال عقله وتنزه نفسه، ارتكب ما لا يكاد يرتكبه أبناء جنسه، حيث ذهب إلى البصرة محاسبًا لواليها، ضابطًا رسم الكمرك الذي فيها، وكان ينسب إليه سيئ الإنكار، على أكثر الأولياء الكبار، وأنه وهابي العقيدة، وله فيها وله ومحبة شديدة، وأنه دعا إليها سليمان باشا، وملأ من علل الخروج على الدولة أهابه فخرج عليها، ولم يرسل شيئًا من خراج العراق إليها، فأثارت عشائر الأكراد وبعض الأعراب عليه، فتوجهوا في معية رئيسهم الداهية الهماء إليه، فخرج لقتالهم إذ قربوا من سور الزوراء، وقابلهم بجنود تغبر غيظًا من كثرتهم وجوه نجوم الخضراء حتى إذا التقى الجيشان، واعتدل الصفان، خانه رؤساء العسكر فبقي مع مثل عدة الأصابع ففر، ومر فارًا على قبيلة الدفافعة، فقطعوا عنه ماء الحيوة، وسدوا عنه مشارعه، والإنصاف أن السويدي لم يسود قلبه بعقائد جهلة الوهابية، وإنما عقده على العقائد السلفية الأحمدية ولعمري ولا حاجة إلى اليمين، أن ذلك ظاهر من درر كتابه العقد الثمين، وأن خروج ذلك الوزير إنما جر إليه أمر آخر لسوء التدبير) وبالجملة (كان ذلك الشيخ من كبار المتبعين، وحاشاه ثم حاشاه أن يكون من المبتدعين ... وكان لأهل السنة برهانًا، وللعلماء المحدثين سلطانًا، ما رأيت أكثر منه حفظًا، ولا أعذب منه لفظًا، ولا أحسن منه وعظًا، ولا أفصح منه لسانًا، ولا أوضح منه بيانًا، ولا أكمل منه وقارًا، ولا آمن منه جارًا، ولا أكثر منه حلمًا، ولا أكبر منه بمعرفة الرجال علمًا، ولا أغزر منه عقلًا، ولا أوفر منه في فنه فضلًا، ولا ألين منه جانبًا، ولا آنس منه صاحبًا، ولولا ونيم ذباب الذهاب إلى كمرك البصرة على ثيابه لقلت هو في جمع المحاسن الغرد فرد أسلافه وأصحابه، اختارت روحه في دمشق الشام من الملأ الأعلى رفيقًا، وهو يقرأ قوله تعالى) أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (، وجاء تاريخ وفاته أسكنه الله تعالى أعلى جناته) إن المدارس تبكي عند فقد علي (وقد أوقفني على جميع إجازاته، وأجازني كأولاده بجميع مروياته،) وقرأت (مسألة الصفات من الخيالي، على حضرة مولى لا يصل إلى حقيقة فضائله خيالي، حضرة مولانا) ضياء الدين الشيخ خالد النقشبندي (، وهو صاحب الأحوال الباهر، والكرامات الظاهرة، والأنفاس الطاهرة، الذي تواتر حديث جلالته وأجمع المنصفون على ولايته، وعمت بركاته الحاضر والبادي، وانتشر صيته في ك وادٍ ونادي، بهر بجبل صفاته أطوار العقول، ونال منه تلامذته غاية الوصول، امتد في المقامات والأحوال باعه، وعمرت بالفضل والأفضال رباعه، كان حريصًا على سلوك طريق أهل السنة والجماعة، لا يصرف من أوقاته ساعة في غير حل دقيقة علم أو طاعة، حسن السمت والسيرة، نير القلب والسريرة، إن توجه إلى قلب مريد ملأه نورًا، أو ربط على إكرام معدم أفعم ناديه بأيدي أياديه سرورًا.
الإمام الجليل غوث البرايا ... غيثها المرتجى ندى إحسانه
ذو سجايا مثل الرياض سقاها ... وابل القطر من ندى هتانه
بحر جود له جداول عشر ... في يديه تدفقت من بنانه
سار في الخافقين ذكر علاه ... وعلا قدره على كيوانه
فائض العلم عن روية فكر ... كاد يجلو سر القضا بعيانه
ثابت الذهن كم خفايا علوم ... قد جلاها بالكشف عن برهانه
فهو كشاف مشكلات معان ... حل ألفاظها بديع بيانه
1 / 8