لهذه الاستخارة المنامية أدعية مختلفة. منها ما سمعته في الآثار. ومنها غير ذلك فقد رأيت في بعض الكتب أنه يقول بعد الصلوة والدعاء الوارد اللهم يا هادي اهدني ويا عليم علمني ويا مبين بين لي ويا خبير خبرني عن أمري ويسميه وينام على وضوء مستقبل القبلة وفي بعضها زيادة واضعًا خده على كف يده اليمنى وهو مما لا بأس به والاقتصار على الوارد أولى) نعم (الطامة الكبرى ما ذكره ابن خلدون في كتابه المشهور وسماه بحطومة الانطباع التام وذكر أنه يقرأ عند النوم بعد فراغ السر وصحة التية فيرى القارئ ما يرى وهو تماغس بعد أن يسوادد أغداس نوفنا تمادس. وذلك فإن هذه الأسماء مجهولة المعنى لم ترو قراءتها ولا الأمر بها عن المعصوم عليه الصلوة والسلام وقد صرحوا بحرمة قراءة مثل ذلك لعدم الأمن من تضمنه محظورًا ولا أقل من الكراهة وندب الترك لخبر يدع ما يريبك إلى ما يريبك) ومن الاستخارات الشائعة (الاستخارة بالقرآن ويسمونها تفاؤلًا ولهم فيها كيفيات شتى والظاهر أن ذلك مما لا دليل على مشروعيته. وفي شرح فقه الأكبر لعلي القارئ ما نصه ومن جملة علم الحروف فال المصحف حيث يفتحونه وينظرون في أول صفحة أي حرف وافقه وكذا في سابع الورقة السابعة فإذا جاء حرف من الحروف المركبة من تشخلا كم حكموا بأنه غير مستحسن وفي سائر الحروف بخلاف ذلك. وقد خرج ابن العجمي في منسكه قال ولا يؤخذ الفال من المصحف قال العلماء اختلفوا في ذلك فكرهه بعضهم وأجازه بعضهم ونص المالكية على تحريمه انتهى. ولعل من أجاز أو كره من اعتمد على المعنى ومن حرمه من اعتبر حروف المبنى فإنه في معنى الاستقسام بالأزلام انتهى كلام القاري. والذي أميل إليه الكراهة مطلقًا ولا يبعد القول بالحرمة كذلك فتأمل) ومن البدع (ما يستعمله الشيعة من التفاؤل بالسبحة ونحوها على سائر الكيفيات المعروفة بينهم وكذا ما يفعله كثير من الناس من التفاؤل بديوان الحافظ الشيرازي قدس سره وقد تفاؤل لي بعض أصحابي يوم عزيمتي على السفر فخرج قوله:
كل بر در ومي در كف ومعشوقة بكامست ... سلطان جهانم بجينين روز غلامستِ
حافظ منشين بي مي معشوقة زماني ... أيام كل وياسمين وعيد صيامست
) وللعوام تفاؤلات بغير ذلك (من أقدمها التفاؤل بالطيور وكانت الجاهلية تفاؤل بأسمائها وأصواتها وأحوالها وتتشاءم بذلك وعليه قول ذي الرمة:
رأيت غرابًا ساقطًا فوق قضبة ... من القضب لم ينبت لها ورق خضر
فقلت غراب لاغتراب وقضبة ... لقضب النوى هذي العيافة والزجر
وهبت جنوب باجتنابك منهم ... ونفح الصبا تلك الصبابة والهجر
وقول كثير عزة:
رأيت غرابًا ساقطًا فوق بانة ... ينتف أعلى ريشه ويطايره
فقلت ولو أني أشاء زجرته ... بنفسي للنهدي فهل أنت زاجره
فقال غراب لاغتراب من النوى ... وفي البان بين من حبيب تحاوره
فما أعيف النهدي لا در دره ... وأزجره للطير لا عز ناصره
وقول بعضهم:
دعا صرد يومًا على غصن بانة ... وصاح بذات البين منها غرابها
فقلت أتصريد وشحط وغربة ... فهذا لعمري نأيها واغترابها
ومثل ذلك الطرق بالحصى والتشاؤم بالعطاس إلى أمور كثيرة من هذا الباب ولله تعالى در من قال:
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وقال صابي بن الحرث البرجمي:
وما أنا ممن يزجر الطير همه ... أصاح غراب أم تعرض ثعلب
ولا السانحات البارحات عشية ... أمر سليم القرن أم مر أعضب
وقال شاعر قديم:
لا يمنعنك من بغاء الخ ... ير تعقاد التمائم
ولا التشأم بالعطا ... س ولا التيامن بالمقاسم
ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق وحائم
فإذا الأشايم كالأيا ... من والأيامن كالأشايم
وكذاك لا خير ولا ش ... ر على أحد بدائم
قد خط ذلك في الزبو ... ر الأوليات القدائم
1 / 19