إذا فرغ المستخير من الدعاء فليمض كما قال النووي عليه الرحمة لما انشرح له صدره قال الهيتمي في حاشية الإيضاح فإن لم ينشرح صدره لشيء فالذي يظهر أنه يكرر الاستخارة بصلاتها ودعائها حتى ينشرح صدره لشيء وإن زاد على السبع. والتقييد بها في خبر أنس إذا هممت بامر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى الذي سبق إلى قلبك فإن الخير فيه. لعله جرى على الغالب إذ انشراح الصدر لا يتأخر عن السبع. على أن الخبر إسناده غريب ومن ثمة قيل الأولى قوله ابن عبد السلام أنه يفعل بعدها ما أراد إذ هو الخير لما مر في بعض الأخبار يقول أي الدعاء ثم يعزم أي على ما استخار عليه وهو أقوى من ذلك الخبر. وزعم بعضهم أن الاعتماد على ما ألقي في النفس إذا كان موافقًا للشرع فإنه إلهام حقاني. لكن ينبغي كما قال ابن جماعة أن يكون المستخير قد جاهد نفسه حتى لم يبق لها ميل إلى فعل ذلك الشيء ولا تركه وأن يكون محكم المراقبة لربه سبحانه من أول الصلوة إلى آخر الدعاء ولو فرض أنه لم ينشرح صدره لشيء كرر الصلوة والدعاء ولو فوق السبع كما يشعر به ما وقع للشافعي رحمه الله تعالى من أنه استخار في أمر سنة. فإن خاف الفوات وكرر ولم ينشرح صدره شرع فيما يسر الله تعالى له فالخير فيه إن شاء الله تعالى. وقال بعض الأجلة يمكن الجمع بين حديث أنس والخبر الذي فيه بعد دعائها ثم يعزم بأن الأول لمن يكون مراقبًا لقلبه مميزًا بين خواطره ضابطًا يفرق بين الخاطر الأول وما بعده لا يلتبس عليه الأمر لكونه صافي القلب حاضرًا مع الرب سبحانه فذاك الذي يعتمد الخاطر الأول الذي يسبق إلى القلب كما في ذلك الخبر. وقد قالت الصوفية الخاطر الرباني هو أولى الخواطر وهو لا يخطي. والخبر الثاني لمن ليس بمتمكن في المراقبة وضبط الخواطر ومعرفة السابق منها وغيره فذاك الذي يعزم بعد الاستخارة على الشروع فيما استخار له والله تعالى ييسر الخير ويصرف الشر وهو سبحانه الرؤوف الرحيم.
الفصل الثامن
1 / 17