غمز عیون البصائر
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م
وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ فِي الْعِبَادَاتِ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ بِآيَةِ ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: ٥] ٢٠ - وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
الصَّلَاةِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَتَمَّ وُضُوءُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ وَالثَّانِي الْحِلُّ وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ فَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ حُكْمًا غَيْرَ شَرْطٍ لِحُكْمٍ آخَرَ.
أَمَّا إذَا كَانَ شَرْطًا لِحُكْمٍ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ.
وَهُنَا شَرْطٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ يُرَاعَى وُجُودُهُ مُطْلَقًا لَا وُجُودُهُ قَصْدًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ﴾ [الجمعة: ٩] الْآيَةَ.
لَمَّا كَانَ السَّعْيُ شَرْطًا لِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ حَتَّى إذَا سَعَى لِغَيْرِ قَصْدِ الْجُمُعَةِ، لِقَصْدِ حَاجَةٍ أَوْ لِزِيَارَةِ إنْسَانٍ وَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ فَأَدَّى، يَجُوزُ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَصْدِ لِلْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ وَفِعْلُ الْعَبْدِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْبَابِ، لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ سَالَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ فَغَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ أَوْ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ.
فَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا أَوْضَحْنَاهُ لَك أَنَّ مَا قِيلَ لَا نِزَاعَ لِأَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي النَّصِّ الْمَذْكُورِ لَا يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ وَأَنَّ مَا يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَتَأَدَّى بِغَيْرِ نِيَّةٍ غَلَطٌ لَيْسَ كَذَلِكَ يَعْنِي بَلْ يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الظَّنُّ الَّذِي يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا غَلَطًا كَذَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْكَمَالِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ تَحْقِيقٌ وَبِالْقَبُولِ حَقِيقٌ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَلَا يُورَدُ عَلَيْهِ فِي مَنْهَلٍ غَيْرِ مَنَاهِلِهِ الْعِذَابِ
(١٩) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ إلَخْ.
جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: إذَا لَمْ يَدُلَّ الْحَدِيثُ عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْمَقَاصِدِ لِلصِّحَّةِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ.
إلَى آخِرِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: أَحَدُهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِرَارًا مِنْ الرِّيَاءِ، الثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمَلَةِ لِغَيْرِ الْمَقْصُودِ، وَالثَّالِثُ قَصْدُ الْإِنْشَاءِ لِيَخْرُجَ سَبْقُ اللِّسَانِ.
يَعْنِي فِي غَيْرِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ.
(٢٠) قَوْلُهُ: أَوْجُهُ إلَى آخِرِهِ.
قِيلَ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ وَالِاهْتِمَامِ جَائِزٌ وَاقِعٌ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ؛ أَعْنِي الْعِبَادَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى الْعَمَلِ لَا الْعِلْمِ (انْتَهَى) .
وَفِيهِ تَأَمَّلْ.
1 / 58