ونظرت إليه؛ كان يضع العلبة في جيبه بأصابع مرتجفة، إنه لن يستطيع شيئا فماذا تقول له؟ وسارت بضع خطوات مضطربة ثم قالت بصوت مختنق: هيا نخرج إني أكاد أختنق. •••
سارت بهما السيارة الزرقاء الطويلة في شوارع القاهرة، وظلا صامتين حتى خرجت السيارة إلى الخلاء بالقرب من الهرم، ثم سمعته يقول بصوت غليظ: في حياتك سر لا أفهمه، لماذا لا تفتحين قلبك لي؟ ونظرت إليه نظرة خاطفة ثم مدت بصرها إلى الصحراء الواسعة، وقالت: لا أعرف لحياتي سرا أو معنى، آكل وأنام كأي حيوان ولا أفعل شيئا مفيدا لأحد.
وارتجت العتامة فوق عينيه الجاحظتين، وقال: ألا زلت في هذه المرحلة الأولى؟ وقالت ماذا تعني؟ قال وهو يتنهد: كنت أعيش هذه المرحلة منذ عشرين سنة. وسكت لحظة ثم قال: ولكنني اكتشفت أن الحياة الواقعية شيء آخر.
وقالت: ما تعني؟ وقال وهو يبتسم ابتسامة ضيقة: كانت المبادئ الرفيعة تضعني دائما في صدام مع الحياة الواقعية. وقالوا عني «غير متكيف».
وسألت: من هم؟ وقال: زملائي في الجامعة.
وقالت: هل كنت في الجامعة؟ قال: كنت مدرسا صاحب مبدأ.
وسألت: وماذا حدث؟ وضحك ضحكة قصيرة ثم قال: ثم تكيفت!
والتفت ناحيتها وثبتت عيناه الجاحظتان لحظة، وقال: لم يكن أمامي طريق آخر.
وسألت: هل أجريت بحثا وأنت في الجامعة؟
قال: أجريت ثلاثة وسبعين بحثا.
نامعلوم صفحہ