وقال أحد المؤرخين: إن مباني الزهراء اشتملت على أربعة آلاف سارية جلبت من رومية وقسطنطينية وقرطاجنة وتونس وإفريقية، فيها خمسة عشر ألف باب ملبس بالحديد والنحاس المموه، وكان عدد الفتيان فيها ثلاثة عشر ألف فتى وسبعمائة وخمسين فتى، وعدد النساء بقصر الزهراء ستة آلاف وثلاثمائة امرأة وأربع عشرة امرأة، وكان على الحجر الذي جلب من مقالع الأندلس أو حمل من القاصية نقوش وتماثيل وصور على صور الإنسان، ولما جلبه أحمد الفيلسوف، وقيل غيره، أمر الناصر بنصبه في وسط المجلس الشرقي المعروف بالمؤنس، ونصب عليه اثني عشر تمثالا، وقال بعضهم: عمل في الزهراء عشرة آلاف عامل خمسا وعشرين سنة، وفي الشرق من الوادي الكبير مدينة الزاهرة التي بناها المنصور بن أبي عامر التي يقول فيها ابن عربي لما دخلها ووجدها متهدمة:
ديار بأكفاف الملاعب تلمع
وما إن بها من ساكن فهي بلقع
ينوح عليها الطير من كل جانب
فتصمت أحيانا وحينا ترجع
فخاطبت منها طائرا متفردا
له شجن في القلب وهو مروع
فقلت على ماذا تنوح وتشتكي
فقال على دهر مضى ليس يرجع
وقد حرقت الزهراء وهدمت في حدود سنة 400ه وبقيت رسومها، وخربت قرطبة وما فيها من القصور والمرافق في حرب البربر، وسقطت في أيدي العدو سنة 633ه بعد أن كانت مدة خمسة قرون وخمس قرون في أيدي العرب، ولم يعد حكمهم إليها بعد ذلك، ولما خلت قرطبة من سلطان يرجع إلى أمره صار كل من قويت يده عمر مدينة فخربت قرطبة وعمرت إشبيلية.
نامعلوم صفحہ