فتوحات مکیہ
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
ناشر
دار إحياء التراث العربي
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1418هـ- 1998م
پبلشر کا مقام
لبنان
إنما قلنا اختلفت الشرائع لإختلاف النسب الإلهية لأنه لو كانت النسبة الإلهية لتحليل أمر ما في الشرع كالنسبة لتحريم ذلك المر عينه في الشرع لما يصح تغيير الحكم وقد ثبت تغيير الحكم ولما صح أيضا قوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وقد صح أن لكل أمة شرعة ومنهاجا جاءها بذلك نبيها ورسولها فنسخ وأثبت فعلمناه بالقطع إن نسبته تعالى فيما شرعه إلى محمد صلى الله عليه وسلم خلاف نسبته إلى نبي آخر وإلا لو كانت النسبة واحدة من كل وجه وهي الموجبة للتشريع الخاص لكان الشرع واحدا من كل وجه فإن قيل فلم اختلفت النسب الإلهية قلنا لإختلاف الأحوال فمن حاله المرض يدعو يا معافي وياشافي ومن حاله الجوع يقول يا رازق ومن حاله الغرق يقول يا مغيث فاختلفت النسب لإختلاف الأحوال وهو قوله كل يوم هو في شأن وسنفرغ لكم أيها الثقلان وقوله صلى الله عليه وسلم لما وصف ربه تعالى بيده الميزان يخفض ويرفع فلحالة الوزن قيل فيه الخافض الرافع فظهرت هذه النسب فهكذا في إختلاف أحوال الخلق وقولنا إنما اختلفت الأحوال لإختلاف الأزمان فإن إختلاف أحوال الخلق سببها إختلاف الأزمان عليها فحالها في زمان الربيع يخالف حالها في زمان الصيف وحالها في زمان الصيف يخالف حالها في زمان الخريف وحالها في زمان الخريف يخالف حالها في زمان الشتاء وحالها في زمان الشتاء يخالف حالها في زمان الربيع يقول بعض العلماء بما تفعله الأزمان في الأجسام الطبيعية تعرضوا لهواء زمان الربيع فإنه يفعل في أبدانكم ما يفعل في أشجاركم وتحفظوا من هواء زمان الخريف فإنه يفعل في أبدانكم كما يفعل في أشجاركم وقد نص الله تعالى على أننا من جملة نبات الأرض فقال والله أنبتكم من الأرض نباتا أراد فنبتم نباتا لأن مصدر أنبتكم إنما هو إنباتا كما قال في نسبة التكوين إلى نفس المأمور به فقال تعالى إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون فجعل التكوين إليه كذلك نسب ظهور النبات إلى النبات فافهم فلذلك قلنا إنما اختلفت الأحوال لإختلاف الأزمان وأما قولنا إنما اختلفت الأزمان لإختلاف الحركات فأعني بالحركات الحركات الفلكية فإنه بإختلاف الحركات الفلكية حدث زمان الليل والنهار وتعينت السنون والشهود والفصول وهذه المعبر عنها بالأزمان وقولنا اختلفت الحركات لإختلاف التوجهات أريد بذلك توجه الحق عليها بالإيجاد لقوله تعالى إنما قولنا لشيء إذا أردناه فلو كان التوجه واحدا عليها لما اختلفت الحركات وهي مختلفة فدل أن التوجه الذي حرك القمر في فلكه ما هو التوجه الذي حرك الشمس ولا غيرها من الكواكب والأفلاك ولو لم يكن الأمر كذلك لكانت السرعة أو الإبطاء في الكل على السواء قال تعالى كل في فلك يسبحون فلكل حركة توجه إلهي أي تعلق خاص من كونه مريدا وقولنا إنما اختلفت التوجيهات لإختلاف المقاصد فلو كان قصد الحركة القمرية بذلك التوجه عين قصد الحركة الشمسية بذلك التوجه لم يتميز أثر عن أثر والآثار بلا شك مختلفة فالتوجيهات مختلفة لإختلاف المقاصد فتوجهه بالرضى عن زيد غير توجهه بالغضب على عمرو فإنه قصد تعذيب عمرو وقصد تنعيم زيد فاختلفت المقاصد وقولنا إنما اختلفت المقاصد لإختلاف التجليات فإن التجليات لو كانت في صورة واحدة من جميع الوجوه لم يصح أن يكون لها سوى فقصد واحد وقد ثبت إختلاف القصد فلا بد أن يكون لكل في صورة واحدة من جميع الوجوه لم يصح أن يكون لها سوى قصد واحد وقد ثبت إختلاف القصد فلا بد أن يكون لكل قصد خاص تجل خاص ما هو عين التجلي للآخر فإن الإتساع الإلهي يعطي أن لا يتكرر شيء في الوجود وهو الذي عولت عليه الطائفة والناس في لبس من خلق جديد يقول الشيخ أبو طالب المكي صاحب قوت القلوب وغيره من رجال الله عز وجل إن الله سبحانه ما تجلى قط في صورة واحدة لشخصين ولا في صورة واحيدة مرتين ولهذا اختلفت الآثار في العالم وكني عنها بالرضى والغضب وقولنا إنما اختلفت التجليات لإختلاف الشرائع فإن كل شريعة طريق موصلة إليه سبحانه وهي مختلفة فلا بد أن تحتلف التجليات كما تحتلف العطايا لا تراه عز وجل إذا تجلى لهذه الأمة في القيامة وفيها مناافقوها وقد اختلف نظرهم في الشريعة فصار كل مجتتهد على شرع خاص هو طريقة إلى الله ولهذا اختلفت المذاهب وكل شرع في شريعة واحدة والله قد قرر ذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عندنا فاختلفت التجليات بلا شك فإن كل طائفة قد اعتقدت في الله أمر أما إن تجلى لها في خلافة أنكرته فإذا تحول لها في العلامة التي قد قررتها تلك الطائفة مع الله في نفسها أقرت به فإذا تجلى للأشعري في صورة اعتقاد من يخالفه في عقده في الله وتجلى للمخالف في صورة اعتقادها فيه تعالى وهي العلامة التي ذكرها مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقروا له بأنه ربهم وهو هو لم يكن غيره فاختلفت التجليات لإختلاف الشرائع وقولنا إنما اختلفت الشرائع لإختلاف النسب الإلهية قد تقدم ودار الدور فكل شيء أخذته من هذه المسائل صلح أن يكون أولا وآخرا وسطا وهكذا كل أمر دوري يقبل كل جزء منه بالفرض الأولية والآخرية وما بينهما وقد ذكرنا مثل هذا الشكل الدوري في التدبيرات الإلهية مضاهيا لقول المتقدم إذ قال العالم بستان سياجه الدولة الدولة سلطان تحجبه السنة السنة سياسة يسوسها الملك الملك راع يعضده الجيش الجيش أعوان يكفلهم المال المال رزق يجمعه الرعية الرعية عبيد تعبدهم العدل العدل مألوف فيه صلاح العالم العالم بستان ودار الدور ويكفي هذا القدر من الإيماء إلى العلل والأسباب مخافة التطويل فإن هذا الباب واسع جدا إذ كان العالم كله مرتبطا بعضه ببعض أسباب ومسببات وعلل ومعلولات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء الخامس والعشرون
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب التاسع والأربعون في معرفة قوله صلى الله عليه وسلم إني لأجد نفس
الرحمن من قبل اليمين ومعرفة هذا المنزل ورجاله
نفس الرحمن ليس له . . . في سوي الرحمن مستند
حكمه في كل طائفة . . . مالها ركن ولا سند
يمن الأكوان منزله . . . وهو لا روح ولا جسد
ماله حد يعينه . . . وهو المطلوب والصمد
فجميع الخلق يطلبه . . . ثم لم يظفر به أحد
صفحہ 336