علك اللغات بقوة لحييه؛ لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق؛ إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن، وهما علم المعاني وعلم البيان،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (علك)، أي: مضغ ولاك واللحي: منبت اللحية من الإنسان. عبر عن كثرة ممارسة الرجل اللغات العويصة الصعبة واستنباطه الشعب المستخرجة منها بحيث لا يتأتى منها شيء بهذه العبارة.
قوله: (ولا يغوص)، يقال: غاص في الماء. عدي بـ "على" لإرادة معنى الاستعلاء، يقال: فلان يغوص على حقائق العلم أي: يتوغل فيها.
قوله: (قد برع)، يقال: برع الرجل وبرع بالضم أيضًا براعة: فاق أصحابه فهو بارع.
قوله: (علم المعاني)، وهو تتبع خواص التركيب في الإفادة ليحترز عن الخطأ في التطبيق، و"علم البيان" هو معرفة إيراد المعنى الواحد المأخوذ من المعاني في طرق مختلفة الدلالة بالخفي والأخفى لتمام المراد من المبالغة، نبه بتكرار لفظ "علم" على استحقاق كل منهما أن يسمى علمًا برأسه، ولم يرد بالاختصاص أنهما لم يستعملا إلا في كلام الله المجيد، بل أراد أنهما لم يستعملا في كلام كاستعمالهما في التنزيل، وأن الواقف على اسراره مفتقر إليها كل الافتقار.
قال صاحب "المفتاح": الويل كل الويل لمن يتعاطى التفسير وهو فيهما راجل. وقال: لا علم في باب التفسير بعد علم الأصول، أقرأ منهما على المرء لمراد الله من كلامه، ولا