فصول من الفلسفة الصينية
فصول من الفلسفة الصينية: مع النص الكامل لكتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس
اصناف
في عام 1027ق.م. قامت أسرة تشو
Chou
بالقضاء على أسرة شانغ
Shang ، وانتقلت معها الصين من العصر الحجري إلى عصر المعادن والتمدن، وأسست أول دولة في وسط الصين كانت عاصمتها إينانج في مقاطعة هونان الحالية. وقد استمر حكم أسرة تشو حتى عام 221ق.م.، وهي التي أسست النظام الإقطاعي في الصين؛ فقد قام ملوكها بتوزيع الأراضي التي اكتسبوها من أسرة شانغ على أتباعهم وأقربائهم، فصارت ملكية وراثية لهم، وجرى تقسيم البلاد إلى عدد كبير من الإقطاعيات (التي أدعوها في هذا الكتاب بالمقاطعات)، وبذلك تم التوحيد بين السلطة السياسية وملكية الأراضي، وصار مالكو الأرض هم سادتها من الناحيتين السياسية والاقتصادية. أفراد هذه الطبقة الأرستقراطية التي تدير المقاطعات وتدفع ما يتوجب عليها من ضرائب إلى السلطة الملكية المركزية، كانوا بحكم طبيعة حياتهم متعلمين، وكانت قصورهم بمثابة مراكز للتعليم. وقد ساعدهم في إدارة الدويلة موظفون يمتلكون معارف وخبرات في شتى المجالات، ويقدمون المشورة والمعونة لأسيادهم، كما كانوا في الوقت ذاته ينقلون هذه المعارف والخبرات إلى الآخرين؛ أي إنهم كانوا يجمعون بين وظيفة الإدارة ووظيفة التعليم.
خلال القرون الثلاثة الأولى كان النظام الإقطاعي لأسرة تشو أكثر النظم الإقطاعية في التاريخ إحكاما ونجاعة، ولكن علائم الخلل بدت عليها منذ القرن السادس، وأخذت السلطة المركزية للعاصمة تضعف لصالح أمراء المقاطعات الذين أخذوا يتصرفون وكأنهم حكام مستقلون رغم بقائهم خاضعين من الناحية الاسمية للملك. ومنذ عام 475ق.م. دخلت البلاد في فترة الدويلات المتحاربة التي كان خلالها أمراء المقاطعات يتحاربون من أجل توسيع أملاكهم على حساب بعضهم بعضا، أو سيادة مقاطعة على أخرى. واستمر الحال على هذا المنوال حتى عام 221ق.م.، عندما قامت أسرة تشن
Chin
بالقضاء على حكم أسرة تشو، فوحدت البلاد تحت سلطة مركزية قوية، وألغت النظام الإقطاعي، وصادرت الأملاك الإقطاعية التي راح يتولى إدارتها موظفون حكوميون يديرون شئون المقاطعات التي أعيد تنظيمها، يساعدهم في ذلك هيئة من المستشارين والموظفين المدنيين.
على أن هذه الفترة التي اتسمت بالاضطراب السياسي كانت أخصب فترات التطور الفكري في الصين القديمة، وشهدت تشكل المدارس الفلسفية المتنافسة على يد معلمين كانوا ينتمون إلى الطبقة الأرستقراطية، ولكنهم فقدوا أملاكهم لأسباب متعددة (منها حروب تلك الأيام)، أو من كبار الموظفين الذين يمتلكون معارف شتى، وفقدوا مناصبهم للأسباب نفسها. وقد توزع هؤلاء في أنحاء البلاد وراحوا يكسبون معيشتهم من خلال التعليم. ومن نشاط هؤلاء تشكلت المدارس العديدة التي أطلق عليها المؤرخون الصينيون اسم المائة مدرسة لكثرتها، وهذه بالطبع تسمية مجازية، ونحن بالفعل لا نستطيع أن نتلمس سوى وجود عشرة، ستة منها كانت الأكثر فعالية في الثقافة الصينية، وهي: (1)
مدرسة اليانغ-ين التي استمدت اسمها من كتاب التغيرات الذي يقول بوجود قوتين هما قوة اليانغ وقوة الين؛ الأولى موجبة والثانية سالبة. ومن تفاعل هاتين القوتين تنشأ الآلاف المؤلفة من مظاهر الكون والطبيعة . وقد اهتم معلمو هذه المدرسة بنظرية نشوء الكون، وعلم الفلك، ومراقبة حركات الأجرام السماوية، ودورة الفصول، وتقسيم الزمن، وما إلى ذلك، كما مارسوا العرافة والسحر. (2)
مدرسة المثقفين، أو المفكرين. ومعلمو هذه المدرسة كانوا يعلمون الطقوس وكل ما يتعلق بقواعد السلوك الاجتماعي، والموسيقى، والكتب الكلاسيكية الستة المتوارثة عن القدماء، وهي: (1) كتاب التغيرات/إي تشينغ، (2) كتاب القصائد (أو الأغاني)، (3) كتاب التاريخ، (4) كتاب الطقوس (وقواعد الأدب والمعاملات)، (5) كتاب الموسيقى، (6) حوليات الربيع والخريف، وهو كتاب في تاريخ مملكة لو وضعه كونفوشيوس. وكان كونفوشيوس هو المعلم الأبرز في هذه المدرسة. (3)
نامعلوم صفحہ