الفصول فی الاصول

Al-Jassas d. 370 AH
105

الفصول فی الاصول

الفصول في الأصول

ناشر

وزارة الأوقاف الكويتية

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤١٤هـ - ١٩٩٤م

اصناف

اصول فقہ
بَقَاءَ الْفَرْضِ مَا لَمْ يَنْسَخْهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا فَإِنْ قِيلَ: دَلَالَةُ الْعَقْلِ عَلَى زَوَالِ الْفَرْضِ فِي حَالِ الْعَجْزِ، وَتَعَذُّرِ النَّقْلِ فِي مَعْنَى النَّسْخِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ نَسْخًا لِأَنَّ مَعْنَى النَّسْخِ إذَا كَانَ إنَّمَا هُوَ بَيَانُ مُدَّةِ الْحُكْمِ، وَقَدْ أَخَذَ الْعَقْلُ بِقِسْطِهِ فِي إيجَابِ ذَلِكَ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى النَّسْخِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ بِهِ. قِيلَ لَهُ: هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا يُبَيَّنُ بِهِ مُدَّةُ الْحُكْمِ يَكُونُ نَسْخًا وَلَا فِي (مَعْنَى النَّسْخِ)، لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ: صُمْ سَائِرَ الْأَيَّامِ إلَّا يَوْمَ الْفِطْرِ لَمْ يَكُنْ نَسْخًا وَلَا فِي (مَعْنَى النَّسْخِ)، لِأَنَّ النَّسْخَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَهُ شَرِيطَةٌ مَتَى عُدِمَتْ زَالَ الْمَعْنَى. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي التَّقْدِيرِ بَقَاءُ الْحُكْمِ فَيَرِدُ بَعْدَهُ مَا يُبَيِّنُ آخِرَ مُدَّتِهِ فَأَمَّا مَا كَانَ مَعْلُومًا مَعَ وُرُودِ الْأَمْرِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فِي وَقْتٍ إمَّا بِسَمْعٍ أَوْ بِعَقْلٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى النَّسْخِ فِي شَيْءٍ. وَنَحْنُ وَإِنْ كُنَّا نَقُولُ إنَّ الْعِبَادَاتِ وَنَسْخَهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَصَالِحِ كَالْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَقْرِ وَالْغِنَى وَسَائِرِ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ لِلنَّسْخِ مَعْنًى قَدْ اخْتَصَّ بِهِ وَشَرَائِطَ قَدْ وَقَفَ عَلَيْهَا مَتَى عَدِمَ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ نَسْخًا. وَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ فِي مَعْنَى النَّسْخِ لَكَانَ التَّخْصِيصُ أَيْضًا فِي مَعْنَى النَّسْخِ لِأَنَّهُ قَدْ قَصَدَ بِهِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ مِمَّنْ شَمِلَهُ الِاسْمُ كَمَا أُرِيدَ بِالْأَمْرِ الْمُطْلَقِ حَالٌ دُونَ حَالٍ، وَهِيَ حَالُ الْإِمْكَانِ دُونَ حَالِ الْعَجْزِ، وَلَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْفُرُوضُ الْمُبْتَدَأَةُ كُلُّهَا فِي مَعْنَى النَّسْخِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَصَالِحِ.

1 / 152